كتاب " المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها " ، تأليف هادي محمد عبدالله ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها
الأساس الرابع : توزيع التركة لا تجميعها :
لم يحصر الاسلام الارث بشخص دون آخر او طبقة دون آخرى وانما قسم الورثة الى اصناف ودرجات مما ساعد ذلك على توزيع ثروة المتوفي على أكبر عدد ممكن من الورثة ومنع من تكديسها في يد واحدة، وهو من عناصر الطغيان المالي الذي يثير في الجماعة حرب الطبقات . كما اعطى للمورث في حياتة ان يتصرف بثلث ماله وما زاد عن ذلك فبموافقة الورثة. وندب إعطاء من يحضر من الاقارب (غير الوارثين) شيئاً من التركة وعند عدده أن يقول له قولاّ معرفاً حيث قال تعالى)وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُوْلُوا القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً( ([72]).
وبهذا الاسلوب القويم تتوزع ثروة المسلم المتوفي الى ملكيات صغيرة ويشترك فيها عدد كبير من الورثة ، ويعمل على بقاء وحدة تماسك الاسرة وتضامن افرادها وتعاونهم وذلك مدعاة ، لازالة أسباب التباغض والحقد والحسد بينهم ([73]).
الأساس الخامس: الإرث في الاسلام نعمة لا نقمة :
شرع الاسلام الارث نعمة للوارث لا نقمة عليه ولهذا لا يتحمل ديون مورثه الزائدة عن التركة كما في بعض الشرائح القديمة والحديثة لأن شخصيته مستقلة عن شخصية مورثه وليس امتداد لها ولهما ذمتان ماليتان مستقلتان([74]).
مما تقدم يظهر ان الشريعة الإسلامية جاءت بأحكام تسمو على القوانين والانظمة القديمة بما فيها القانون الروماني، وانها اختلفت مع القانون الروماني في مسائل الميراث، وما اتفقا فيه لا يذكر بجانب ما اختلفا فيه، وان جهة التشريع فيهما مختلفة تمام الاختلاف، وهذا الاختلاف حجة على الذين زعموا ان الشريعة الإسلامية مأخوذة من شرائح الرومان. كما سيظهر من خلال دراستنا.
وآنئذٍ يسوغ لطالب العلم ان يأخذ العلم من ينبوعه صافي الورد ، نقي المورد وحق على الذين يريدون الموازنة بين الشريعة الإسلامية وقانون الرومان ان يوازنوا على بينةٍ، وان يدركوا أي الطريقين اهدى سبيلاّ .
5- الميراث في القوانين الانجلو سكسونية :
يتم توزيع الميراث (Succession) في هذه القوانين المتأثرة بها بطريقين متتابعين:
اولهما : الميراث بالوصية : ويكون حسب وصية (Will) المتوفي (الموصي) .
ثانيهما : الميراث القانوني : يتم توزيعه حسب القواعد التشريعية والضريبية والتي تتماشى مع الأمور المالية عند عدم وجود وصية .
وهذا الاسلوب معمول به في انجليزا([75])، ونايجيريا([76])، والاتحاد السوفيتي([77])، وبلغاريا([78])، وتشيكوسلوفاكها([79])، وهنكاريا([80])، وبولندا([81])، وروماني([82])، ويوغسلافيا([83])، والصين([84]).
وعلى الرغم من أن بعض الدول (الاشتراكية ) قد انقسمت على نفسها الى دول لسبب ما فأنها على حد علمي بقيت مطبقة احكام الفرائض التي كانت تطبقها قبل الانقسام كالاتحاد السوفييتي وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا وغيرها . ولنأخذ مثلاً من هذه القوانين ونعرض بعضا من الاحكام التي وردت فيه وليكن قانون الاتحاد السوفيتي (سابقا) .
الميراث في قانون الاتحاد السوفيتي :
ألغى المشرع السوفيتي نظام الارث في بادئ الأمر إلغاءً تاماً استجابة لمثله السياسية، ومن بعده أصبحت الدولة مالكة لما يتركه الافراد بعد موتهم من تركات . لكن القانون ، مع ذلك ، التفت الى أقارب المتوفى وقرر لفروع الميت واصوله واخونه واخواته وزوجه الباقين على قيد الحياة إذا لم يتوفر لهمم الحدالادنى من ضرورات المعيشة كان لهم أخذ معونة مادية من مجموع التركة وتقوم السلطة الادارية بتحديد مبلغ المعونة .
كما نص القانون على أيلولة التركة الى الزوج واقارب المتوفى المذكورين آنفا إذا لم تزد على عشرة الاف روبل على ان يتم التوصل الى تسوية بين الورثة بصدد توزيع التركة فيما بينهم وعند عدم الاتفاق فالمحكمة هي الفيصل([85]).
وفي عام1936 شرع دستور جديد في الاتحاد السوفيتي وتم اقرار حق الارث الفرد اذ نصت المادة العاشرة من الدستور الجديد على حق المواطنين في ميراث الملكية الشخصية مضمون بموجب القانون (Succession Legal).
وكانت التركة تتوزع على الورثة وهم:
أولاً – الفروع المباشرين.
ثانياً- الولد المتبنى وفروعه.
ثالثاً- الباقي من الزوجين.
رابعاً- الاشخاص العاجزين عن العمل والمساكين الذين كانوا من عيال المتوفى خلال سنة في الأقل قبل وفاته.
وكان يحرم القانون السوفيتي الأب والأم والأخوة والأخوات من الميراث مطلقاً مما دفع هذا الوضع الشاذ المشرع السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية إلى تعديل المادة (420) من القانون المدني السوفيتي بقانون (24/إذار 1945) فأضافهم على باقي الورثة.
6- الميراث في القانون الفرنسي:
نظم القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 أحكام الميراث. وحدد في مادته (731) الورثة الشرعيين باربع فئات وكل فئة تحجب التي بعدها:
الأولى : أولاد المتوفى ذكوراً وإناثاً للذكر مثل حظ الأنثى من الميراث([86]).
الثانية: والد المتوفى ووالدته وأخوته وأخواته([87]).
الثالثة : الاعمام والخالات وأبناء العمومة([88]).
الرابعة : وهم بقية الأقارب.
ولم يورث القانون الفرنسي الزوج أو الزوجة إلا في حالة عدم وجود الفئات الأربعة المذكورين حتى عام 1930 حيث صدر قانون تقرر بموجبه للزوج حق من الملكية باعتباره وارثاً للزوج الآخر على شرط قيام الزواج عند وفاة المورث([89]).
7-الميراث لدى الشعوب الأفريقية: ([90])
إن نظام الإرث لدى هذه الشعوب لا يختلف عن الأنظمة القديمة التي كانت تحدد الإرث على اساس الرجولية والقوة. ولم يكن للصغير من الذكور أو الضعيف منهم أو للمرأة حق في الإرث. بل كانت ولا زالت المرأة في هذه الشعوب تعد جزء من التركة تنتقل إلى الوارث الذكر من أقارب الميت الأقربين ويحل محله في علاقته بارملة قريبة وهذا التقليد يسمى بوراثة الأرامل (Inheritance of Widows) ([91]).