أنت هنا

قراءة كتاب المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها

المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها

كتاب " المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها " ، تأليف هادي محمد عبدالله ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 5

4- الميراث في الاسلام:

لما بعث الله سبحانه نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بدين الحق قلب حياة من آمن به الاجتماعية من اصولها وابدلها بنظام اجتماعي اساسه الايمان ووحدة العقيدة والعدل والمصلحه العامة ، ومراعياً في نظام الارث اسسا تتميز بمجموعها عن الاسس التي عليها النظم التي سيقته والتي تلته وتختلف في مقاصدها واتجاهاتها عما اريد بها في النظم الأخرى .

أسس الميراث في الإسلام:

الأساس الأول:

انه نظام اجبارى بالزام الشارع : فقد جعل الاسلام الميراث حقا شرعيا يثبت للورثة من مورثهم الذين عينهم التشريع الاسلامي بكتابه او سنته أو اجماعه ، دون دخل لارادة المورث فيه. فليس له ان يحرم وارثا من حقه ولا ان يحأبي أحدهم دون الآخر . ولا يتوقف انتقال الارث إلى مستحقه على قبول هذا الأخير أو رفضه ، والتركة تؤول اليه شاء أم أبى. ولا يضار الوارث من هذا الانتقال الاجبارى لأنها تنتقل إليه بعد سداد ما عليها من الديون خالصة له.

الأدلة: والدليل على فرضيته هو الكتاب والسنة والأثر:

أولاً- الكتاب:

أ) قال تعالى:)نَصِيباً مَّفْرُوضاً (([55]) أي مقطوعاًَ من عنده سبحانه .

ب) وقال ايضا ) فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ (([56]) بمعنى حكما مفروضا من عنده سبحانه .

ج) وقال ايضا )وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ (([57]).

(ثانيا)– السنة :

(1) عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله تعالى) رواه مسلم وابو داود([58]). فقد عدهالرسول عليه الصلاة والسلام فرض الله الواجب .

(2) عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : انطلق بي أبي يحملني الىرسول الله عليه الصلاة والسلام فقال : يارسول الله أشهد اني قد نحلت النعمان كذا وكذا من مالي، فقال r: (أكل بنيك قد نحلت مثل هذا؟) قال: لا، قال r (فاشهد على هذا غيري)، (ثم قال أيسرك أن يكونوا إليك في البرّ سواء) قال: بلى. قال: (اتقوا الله واعدلوا في أولادكم) رواه البخاري ومسلم وابوا داود والترمذي والنسائي([59]).

فتفضيل بعض الورثة على بعض مكروه عند بعض أهل العلم.

وقال طاووس وعروة ومجاهد والثورى وأحمد واسحاق وبعض الشافعية والمالكية أنه حرام لا متناعه عليه السلام عن الشهادة ولأمره له برد العطية ولأن التفضيل مدعاة للحقد.

والتسوية فرض، ولحديث الطبراني والبيهقي: (سوّوا بين أولادكم في العطية ولو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء)([60]).

(جـ) عن زيد العمى عن أنس قال: قالرسول الله عليه الصلاة والسلام: (من فرّ من ميراث وارثه، قطع الله ميراثهُ من الجنه يوم القيامه) ([61]) أخرجه ابن ماجة.

الأساس الثاني: انصاف الورثة من التركة:

ومن جملة محاسن الإسلام في الإرث إن سوّى بين الصغير والكبير من الأولاد والأقارب وبين القوي والضعيف من الوالدين، وسوى بين الصالح والطالح والمطيع والعاصي. بينما كان من عادة الأمم السابقة حرمان الضعفاء من التركة كالزوجة والصغار من الذكور وضعفائهم، كما مرّ آنفاً، واستمرت هذه العادة حتى أبطلها الإسلام الحنيف.

الأدلة: ومن الأدلة على انصاف الإسلام للورثة ما جاء:

(أولاً) في الكتاب:

(1) كانت المرأة مخلوقة ضعيفة بطبيعتها وهي متاع يُورث ولا ترث وجعل الإسلام نصيباً من التركة، زوجة كانت ام أما أم بنتا أم من ذوي الأرحام. قال تعالى )وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأقربونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً(([62]).

(2) كما حرم وراثتها كرها بقوله: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً.....آية( ([63]).

وكانت سلعة يتصرف بها بمشيئة أولياء زوجها المتوفى إن شاء بعضهم تزوجها، وأن شاءوا عضلوها، وهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية في ذلك. رواه البخاري وأبود داود([64]).

ثانياً: في السنة:

عن جابر بن عبد الله t قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلىرسول الله عليه الصلاة والسلام بابنتيها من سعد فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل معك شهيداً يوم أحد وقد استفاء عمها مالهما وميراثهما كلّه ولم يدع لهما مالاً إلاّ أخذه فما ترى يا رسول الله، فوالله لا تنكحان أبداً إلاّ ولهما مال. فقالرسول الله عليه الصلاة والسلام: (يقضي الله في ذلك). وقال: نزلت سورة النساء:)يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ...الآية)، فقالرسول الله عليه الصلاة والسلام: (ادعوا إلي المرأة وصاحبها. فقال لهما: اعطهما الثلثين، واعط أمهما الثمن وما بقي فلك) رواه الخمسة إلا النسائي([65]).

ثالثاً: العقل:

لم يقم الإسلام الفرائض على أساس الأنوثة والذكورة وإنما أقامها على أساس الموقع الذي يكون فيه الرجل أو المرأة من الأسرة قرباً أو بعداً مع مراعاة التفاوت في المسؤوليات والأعباء ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة([66])، وهذا ما يقتضيه العقل والمنطق السليم.

يذهب المتشدقون بالثقافة الحديثة ويدّعون الدفاع عن المرأة إلى الزعم بأن الإسلام ينقص أنسانيتها وبغض من قيمتها ويجعل حقها بمقدار النصف من حق الرجل، في حين أن منطق المساواة بينهما يستلزم أن يكون نصيبهما واحداً.

رأي هذا النفر يجافي الحقيقة، ويناهض الحق، وأنهم به ينكرون عدلاً، ويطلبون ظلماً، ويقّرون شططاً وحيفاً، وكان عليهم أن يقولوا أن نصيب المرأة في الموقع المعين يمكن أن يكون كذلك فيفضلها الرجل كما يفضل الرجل الرجل نفسه، ومن ثم لا اعتبار للأنوثة لذاتها في تحديد نصيب المرأة.

الأدلة:

وهناك حالات تساوي المرأة فيها الرجل، أو تأخذ أكثر منه، وقد تصادف أن ترث المرأة ولا يرث الرجل في درجتها مع كونه الأقرب إلى الميت وإليك بعضا منها:

أولاً- مساواة الأم للأب في السدس عند وفاة ابن أو بنت لهما مع وجود فرع وارث للمتوفى.

ثانياً- مساواة الجدة مع الجد عند وفاة ابن أو بنت لهما مع وجود فرع وارث للمتوفى.

ثالثاً : مساواة الأخوة والأخوات للأم في استحقاق السدس إذا كان أي منهما واحدا، وإذا تعددوا فهم شركاء في الثلث دون تمييز بينهم.

رابعاً : حصة البنت قد تكون اكثر من حصة إخوة المتوفى وهم رجال ، كأن يموت شخص عن بنتين مع اخوين او اكثر . فللبنتين الثلثان ولهما الباقي وهو الثلث تعصيها .

خامساً: ومثل ذلك بنات الابن مع أخوته .

سادساً : الزوجة قد تأخذ الربع من التركة زوجها ، كما قد يأخذه زوجها من تركتها ايضا .

سابعاً : الأم قد تأخذ اكثر من الأب مثال ذلك : كأن يموت الابن عن ام وعصبة بعيدة عنه .فهي تأخذ الثلث ، في حين قد يصادف ان الاب يأخذ السدس عن ابنه لوجود فرع وارث ذكر له .

ثامناً : الاخوات من الأم إذا اجتمعن مع الأشقاء والزوج والأم في المسألة الحجرية فهن يرثن من دون الأشقاء عند أبي حنيفة وأحمد ورواية عن الشافعي([67])، مع كونهن نساء والرجال في درجة أقرب إلى المتوفي.

فالاعتبار في توزيع الانصبة في الاسلام للموقع وليس للجنس، والحالة الوحيدة التي يكون فها حظ الذكر مثل حظ الانثيين هي عند وجود الاخت مع اخيها شقيقا كان أو لاب لقوله تعالى )يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ(([68]).

وان هذا التقسيم يقتضيها العدالة في توزيع الاعباء والواجبات تطبيقا لقاعدة (الغرم بالغنم) فالرجل هو الذى يقدم المهر والهدايا خلال الخطبة ويتحمل النفقة عليها وعلى اولادها، ويكلف باعداد السكن الشرعي وحتى استئجار الظئر عند امتناعها عن إرضاع ولدها. اما هي فتاخذ سهمها من الميراث مبرأ من كل التزام أو عبء .

إذ أخذنا بعين الاعتبار ما تملكه من المهر والنفقة والسكن والأثاث بالإضافة الى ما تأخذه من سهمها من التركة. عندما يكون حظها نصف حظ شقيقها، مقارنة لها بشقيقها الذي يتحمل تلك الاعباء، لظهرت النتيجة عكس ما يدعيه المتجاهلون. لقد كان الاسلام كريما متسامحا حين طرح من المرأة كل تلك الأعباء وألقاها على عاتق الرجل ثم أعطاها نصف ما يأخذ.

ولا مجال للمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث مطلقا الابعد مطالبتها بمساواته في الاعباء والوجبات، انها فلسفة متكاملة فلابد من الاخذ بها كاها او تركها كلها([69]). فعلى المتشدقين بالثقافة العصرية ان يثوبوا إلى رشدهم ويكفوا من طيشهم ولينظروا إلى ما عليهم انفسهم من تكاليف الحياة وكثرة مطالبها والى ما على اخواتهم من اعباء الحياة وما لهن من مطالب قبل أزواجهن من الضرويات والكماليات ثم ليقولوا رأياً منصفاً. وبعكسه يكون الكلام فيه جهالة من جهة، وسوء أدب مع الله من جهة آخرى وزعزعة للنظام الاجتماعي والاسرى لاتستقيم معها حياة([70]).

الأساس الثالث : إبطال بعض أسباب التوريث:

أبطلت الشريعة الإسلامية بعض أسباب التوريث منها الميراث بالعهد والمحالفة والولاء والتبني والهجرة والموآخاة وسوف نوضحها في مكانها وبالقدر المستطاع ان شاء الله تعالى([71]).

الصفحات