كتاب " الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث " ، تأليف رؤذان أنور مدحت ، والذي صد عن
أنت هنا
قراءة كتاب الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
لذلك و للتطرق الى عملها و فهم خطواتها الأدبية منذ القديم و حتى الان، أخذنا المشكلات و الظروف التي عاشتها و واجهتها. و علينا أن لا ننسى أن الرجال رأوا في النساء الجسد و اللذة و أداةً للنسل فحسب، و كما تقول "فيرجينيا وولف": ((الرجل لا يرى المرأة سوى في أحمر العاطفة لا في أبيض الحقيقة))([4])، فلم يستطع رؤيتها كاتبة أو مفكرة أو فيلسوفة أو في أية مهنة أخرى في خدمة المجتمع، هو لم يرها خارج البيت بتاتاً، ولم يحسب لها أي حساب على أرض الواقع. فمكانها الطبيعي الفراش و البيت.
و مثال على ذلك، نذكر واقعة احدى الأديبات و هي " جورج صاند" ([5]) التي كانت شاعرة و روائية معروفة في زمانها، في زمن كان فيه قليلٌ من أمثالها، يحارب من أجل حقها الانساني في الكتابة، و حرية التعبير و التفكير و الحياة . حدث أن رأت "شوبان" الموسيقار المشهور، فأحبته و كتبت له رسالة و بعثت اليه بكتبها، و باحت له في الرسالة بعشقها اياه، و تحدثت عن اعمالها، و قالت انه اذا أرادها هي، فباستطاعته عدم الاهتمام بها كاتبة، وهو دون تردد او اختيار حرق جميع الكتب، و قبلها أنثى لكنه عذبها و كان معها انانياً الى درجة كبيرة، فلم يفكر في يوم بأنها كاتبة، تملك موهبة مثل ما يملك هو أيضاً. فهنا اللافت للنظر مدى أنانية الذكر المبدع امام عاطفة و تضحية الأنثى المبدعة، و هذا يؤكد مقولة فيرجينيا، فالذكر لا يرى الأنثى في بياض الحقيقة.
واجهت المرأة المبدعة في المجتمع الذكوري الاهمال و التصغير لجهودها، و حوربت و أُتلفت أعمالها، و بعبارة أخرى أن النقاد أهملوا أعمال المرأة، و أودعوها في قائمة النسيان. تقول "ديل اسبيندر" ([6]): أنها بعد تخرجها في الجامعة حيث درست اللغة و الأدب، عرفت ان الرواية رائدها الرجل، لأن كل الكتب و الأقاويل و الأساتذة نسبوا الرواية الى الرجل، بدايتها و نموها، و حتى ذلك الوقت كان مبدعوا الرواية من الرجال فحسب.
لكنها بعد دراسة موضوعات الرواية توصلت الى نتيجة أن هناك حلقة مفقودة و أن النساء هن المبادرات الى كتابة هذا الفن القيم و لكنها لم تستطع أن تذكر ذلك، فمن هي حتى تُعارض النقاد الذين يُرجعون أصل الرواية الى الرجل.
فأستأنفت الكتاب و وجدت أنه في القرن الثامن عشر 1700-1740 في سنة واحدة كان هناك تقريباً أربعة كتب تطبع و تنشر في السوق، لكن بعد زمن كثر عدد المطبوعات، و عَرَفت أن هناك مئتي رواية في هذه الحقبة لا تُعرف أسماء معظم مؤلفيها. فلربما كانت هذه الروايات من تأليف النساء. و وجدت مئة اسم كاتبات كتبن الرواية في القرن الثامن عشر وقد كتبن ستمئة رواية.
إذن نصف الأدب المكتوب هو من نتاج المرأة، لكن هناك شيئاً لافتاً للنظر، هو أن الروايات أو الأعمال المكتوبة من لدن هؤلاء الكاتبات مفقودة وقد ضاعت تماماً من المكتبات و من الأسواق جميعها بحيث أصبحت ظاهرة شاذة: الأسماء معروفة لكن الأعمال مفقودة!.و هذا أمر مثير للشك، لماذا ضاعت النُسخ جميعها في المكتبات على الرغم من أن الأعمال كانت جيدة و لها جمهور كبير، لكن في هذه الحقبة أعمال النساء ضاعت فحسب و بقيت أعمال الرجال.([7])
من كل ذلك نرى أن المرأة كتبت و ألفت و قامت بوظيفتها الاجتماعية أيضاً، حتى أن بعض الكاتبات كن يكتبن خفيةً و بأسماء مستعارة، خشية من نبذهن من لدن عوائلهن أو من قبل المجتمع، و هاهي "إيميلي برونتي" ([8]) تقول في مقدمة روايتها (مرتفعات ويذرنج): ((لقد حجبنا هويتنا خلف أسماء مستعارة، لأننا لا نرغب في أن يعرف الجمهور بأننا نساء إذ أن طريقتنا في الكتابة و التفكير لا تتفق و الأعراف، و مع ما يسمى "أنثوياً" ))([9]) فكثيرات من الكاتبات لا يستطعن خوض التحدي، بسبب ضعف كفتهن في المجتمع، و بسبب عدم وجود أي قانون يحمي مصالحهن، و لأن المطابع لا تطبع أي عمل يحمل اسم المرأة، لأن الكنيسة ترفض ذلك، و مشاكل أخرى لا نهاية لها في مواجهتهن، و لذلك يخفين أسماءهن الحقيقية .
و عملية النقد في العهود الماضية كانت عملية انطباعية و ليست موضوعية، و لذلك نرى أن النقاد حكموا على أعمال النساء بالموت من دون قراءة موضوعية، لأعمالهن، فبعضهم أشار الى أسمائهن و لكنه لم ينقد أعمالهن، فمثلاً "ايان وات" نقد أعمال معظم الرجال بصفحات متعددة لكنه لم يذكر خيرة اعمال النساء، بل قال، بأن العديد من الأعمال الروائية في القرن الثامن عشر مكتوبة من لدن المرأة. من دون أية ملاحظة حتى لو كانت سطحيةً.([10])لأنه ربما ظن أن نقد رواية المرأة ليس جزءاً من واجبه، او غير جدير بأن يُنقد من لدن ناقد مثله، و المعضلة الحقيقية في اهمال النقاد الرجال أعمال المرأة، يكون في اختلاف جنس الكاتب، أو الحتمية البيولوجية، فحسب.