أنت هنا

قراءة كتاب الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث

الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث

كتاب " الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث  " ، تأليف رؤذان أنور مدحت ، والذي صد عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 8

هذا في ما يخص الشعر، أما الرواية فتأخر ظهورها في الأدب العربي، لأن ((مظهر الحياة الأدبية العربية هو الشعر، و أن النثر بالقياس اليه و بالقياس الى نهضته و تنوع فنونه و تعدد أعلامه في بعض الحواضر العربية ليس شيئاً مذكوراً))([18])ولكن الوضع لم يبق على حاله فقد تنوعت الأجناس الأدبية و برز الاهتمام بالنثر و لاسيما الرواية، حيث نرى تغيراً كبيراً طرأ على ذلك الوضع.

هناك أعلام روائيات غربيات، فمنذ القرن الثامن عشر بدأت النساء بكتابة الرواية و كن من قبل قارئات فحسب، حيث كان الرجال خارج المنزل طوال الوقت، و الأشغال اليدوية التي كانت تشتغل بها المرأة قلّت، كالغزل، و الحياكة، و الخبز، و صنع البيرة و الشموع، و الصابون، لأن أكثر هذه الضروريات صارت تُصنع في المصانع و المعامل([19]). و هي في البيت صارت تبحث عن بديل لتلك الأشغال فرأت الكتب و تناولتها، و الرواية و القصص مادة ممتازة لتثقيفهن و لملء فراغهن ففي الوقت الذي أصاب كثيراً من النبلاء تدهور ثقافي، اتجهت النساء الى الأدب، و أصبح الأدب هوايتهن من الدرجة الأُولى.([20])

و بعد تثقيف نفسها و تكوين مخزون ثقافي ثري لها، توسعت مخيلتها فبدأت تفرغ هذا المخزون و الخيالات بالكتابة، فالمخزون الثقافي يحتاج دوماً الى تفريغ و تنفيس في شىء نافع، و ليس في الجلوس بالبيت و الثرثرة في كلام فارغٍ فحسب، و سعت، فوق ذلك، الى أن تغير نظرة الذين يقولون لها: ((من ذا الذي يريد في بيته بقرة، اذا كان يستطيع شراء رطل الحليب بفلس واحد))([21])فبدأت الخروج للعمل و اعالة نفسها بنفسها، و أحياناً اعالة الرجال أيضاً. و شيئاً فشيئاً طالبت بجميع حقوقها في المشاركة بالاقتصاد و السياسة و أمور الدين و الدولة و الحياة الاجتماعية، حتى وصلت الى هذه المرحلة التي أصبحت فيها، أديبة، و ناقدة، و طبيبة، و محامية، و رئيسة وزراء، و عالمة كيمياء، و طّيارة، و الخ....... لأن القوي الآن من قوته في ذهنه و ليس من قوته في جسده، و عضلاته.

و أشهر كاتبة روايات في ذلك العصر هي "جين اوستن 1775-1817" اذ أن كتاباتها تصدرت القائمة الأولى للقراءة و كان لديها شيئ تقوله و لديها رسالة تؤديها و غاية تريد الوصول اليها عن طريق الكتابة. لكنها ليست الأولى من كتبت رواية، فهناك أخريات، لكن طُمست أسماؤهن و أعمالهن، لأسباب عدّة، منها اهمال النقاد إياهن و ضياع أعمالهن في المكتبات.([22])

ثم ظهرت "فيرجينيا وولف 1882-1941" و تقدمت بالكتابة على الآخرين و أبدعت في رواياتها في استخدام المنولوج و تيار الوعي، و تلألأ اسمها لكن بعد معاناة مضنية، أودت بحياتها و قتلت نفسها، لأنها لم تستطع أن تتلاءم نفسياً مع الظروف الاجتماعية التي كانت تعيش فيها.

و عن الكاتبات العربيات لمعت أديبات في كتابة القصص و في التعبير عن شعورهن تجاه الحياة و الكون و الأمور السياسية و الاجتماعية، و التعبير عن مشاعرهن كاناث و همومهن الأنثوية و أشواقهن في صدق و أمانة، و كن أقدر من غيرهن على رصد المواقف من حركة الحياة حول المرأة.

بعض هؤلاء الأديبات أثرن السلامة في التقدم، على نحو ما نجد عند (سميرة عزام- بنت الشاطئ- وداد سكاكيني- نوال السعداوي- سلمى الحفار).

و هناك أخريات أتجهن الى تصوير التحرر العاطفي للمرأة العربية، بعد كبت طويل، أذل روحها، فجاء أدبهن صرخة احتجاج عنيفة ضد كل ما عاناه جنسهن طوال عصور الانحطاط. أمثال: (صوفي عبدالله- جاذبية صدقي (مصر)- هند سلامة (لبنان)- غادة السمان (سوريا)، و هي قمة هذا الاتجاه. ([23])

ثم ظهرت "مي زيادة" التي كتبت النثر و النقد و المقالات و الرسائل و الأشعار و كانت متميزة، و سباقة في دخول عالم الرجال و المجالس الأدبية للرجال سافرة، وقد فتحت بيتها مجلساً أدبياً و اختلطت بالرجال و الأدباء، و ناقشت معهم الأمور الأدبية و الفنية و السياسية. و أسماء أخرى كثيرة أسهمت في التطور الأدبي. و الآن هناك: أحلام مستغانمي، مليكة مستظرف، سمر يزبك، نادية كوكباني، و هيفاء بيطار، ......الخ . و بدأ النقاد بالعناية بأعمال النساء و نقدها نقداً أدبياً موضوعياً، و التمييز بين الجيد و الردئ و لا يحكمون أحكاماً مسبقة، فأدب المرأة لا يحتاج الى من يصفها أو يذمها لأسباب عاطفية او لأنها كتبت من لدن المرأة، بل يحتاج الى النظر اليها أدباً بحتاً و بعيداً عن من كتبه، لتعرف الكاتبة نقاط ضعفها و نقاط قوتها، و لتعمل على وفق أساس متين في المستقبل. هذا هو عمل النقد و النقاد و ليس التسويق و الدعاية و عقد الصداقات معهن. تلك هي المرأة باختصار شاعرة و قاصة و روائية .

الصفحات