كتاب " صلاحية المدعي العام القانونية لدى المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والدائمة " ، تأليف عامر علي سمير الدليم
أنت هنا
قراءة كتاب صلاحية المدعي العام القانونية لدى المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والدائمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
صلاحية المدعي العام القانونية لدى المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والدائمة
مدخل
منذ بدء البشرية على الأرض أخذت الحروب الدامية بأرواح الملايين من الناس ودمرت المدن والقرى وأهلكت القيم المادية والروحية، فما من أمة تكاد تخلو من الحروب إن كانت حروباً عادلة أو غيرها بين قبائل أو دول أو امبراطوريات بدافع السيطرة([1]) على ملكية أرض أو السيطرة على مواردها الاقتصادية أو فرض إرادة ما لتحقيق مصالح معينة.
ومن خلال الحقائق التاريخية حيث تنبئنا الإحصائيات أن (14000) حرب اشتعلت خلال (5000) سنة من التاريخ وتسببت هذه الحروب في موت (5) مليارات من بني البشر وخلال (3400) سنة الأخيرة لم يعرف العالم سوى (25) عاماً من السلام، كما قضت الحرب العالمية الأولى على (10) ملايين نسمة، بالإضافة إلى (21) مليون نسمة ماتوا نتيجة الأوبئة خلال الحروب، وفي الحرب العالمية الثانية قتل (40) مليون نسمة تعادلت فيها نسبة المدنيين والعسكريين([2]) فإذا كان العسكريون مهمتهم في الحرب هي الدفاع عن أوطانهم أو لغايات أخرى فما هي الضرورة التي يكون فيها مصير المدنيين الذين ليس لهم علاقة بالحرب أسوة بمصير العسكريين؟؟.
فظاهرة الحرب في التاريخ من أهم الظواهر إذ تباينت الدول والحكومات والسياسات في اللجوء إليها، فقد تكون حصيلة طموحات وغايات متعددة أو أهواء ونزاعات فهي ليس لها علاقة بين إنسان وإنسان وإنما هي علاقة دولة بدولة ينشب عنها نزاع مسلح باستخدام القوة من أجل قهر الطرف الآخر، إلا أنها تؤدي إلى نتائج تضر بالأطراف المتحاربة من البشر والممتلكات العامة والخاصة.. كما أن الحرب قد تكون الوسيلة الأخيرة لحل ما بين الدول من خلافات، إذا لم تفلح الوسائل السياسية أو القانونية، فزاوية الرؤيا للحرب مختلفة ومتعددة للدول سواء من الوجهة الاجتماعية أو الفلسفية أو السياسية أم العسكرية والتاريخية .. فالتاريخ البشري لا يمكن أن يكون إلا تاريخ حروب وصراعات أكثر من كونه تاريخ سلام وتعاون بين الدول وهذا يتوضح من خلال تدوين كثيراً من الملوك والأمراء والقادة العسكريين حملاتهم وفتوحاتهم ومعاركهم العسكرية كتاريخ يمجد فترة حكمهم أكثر من كونه تاريخ للإصلاحات الاجتماعية والعمرانية والثقافية .. والقيم الإنسانية.
ومع أن المنظور العلمي الذي شمل مختلف الميادين، ففي الميدان العسكري أدى إلى ازدياد مخاطر الحرب اذ اتسع نطاقها وامتد ليشمل مختلف بقاع العالم، فمنذ مطلع القرن العشرين والأحداث الدولية الساخنة تتوالى والحرب بين القوى العظمى مستمرة بين تصاعد وفتور أحياناً قليلة لتوسيع نفوذها السياسي، والاقتصادي، والعسكري.
وأمام هذه المخاطر مخاطر الحرب وما ينتج عنها من قتل وتدمير وانتهاك للحقوق، لجأت الدول الكبرى ودولاً أخرى لتكاتف الجهود لأجل معالجة احتمال وقوع حروب بين الدول وتجنب مخاطرها إلى إنشاء لجان أو محاكم مؤقتة وتفعيل المعاهدات([3]) والقوانين والأعراف الدولية للنظر فيها واعتمادها للتحقيق لمن بدأ الحرب ومعاقبة مرتكبها.
وهذا ما سنتطرق إليه في عدد من لجان التحقيق الدولية والمحاكم المؤقتة التي أنشأت لهذا الغرض لإعطاء فكرة عامة وشاملة عنها.
وكما سنستعرض دور وصلاحية المدعي العام في عددِ منها ثم التركيز عليه بصورة أكثر تفصيلا وتحليلاً في الفصلين القادمين "إنسجاما مع عنوان الكتاب وخطة الدراسة.