أنت هنا

قراءة كتاب صلاحية المدعي العام القانونية لدى المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والدائمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صلاحية المدعي العام القانونية لدى المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والدائمة

صلاحية المدعي العام القانونية لدى المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والدائمة

كتاب " صلاحية المدعي العام القانونية لدى المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والدائمة " ، تأليف عامر علي سمير الدليم

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 8

ومما يلاحظ عنه في هذه المعاهدة أن المنتصر في الحرب هو الذي يملي شروطه على الدولة المنهزمة حتى وإن كانت الدولة المنتصرة هي التي من بدأت الشروع بالحرب ومع افتراض أن المانيا هي التي انتصرت في الحرب وهزمت الدول الأخرى عسكرياً. فهل ستشكل لجان للتحقيق ومحاكم عسكرية لمحاكمة من حاربها من الحلفاء ومن الممكن هنا أن يتولد لدينا دليلاً نظرياً أو احتمالياً بأن القوة هي القانون السائد، وليس القانون الوضعي الذي اتفق عليه دولياً، كالقانون الدولي العام والقانون الإنساني والمعاهدات الدولية، وإلا ما أنشئت محكمة عسكرية لمحاكمة قيصر ألمانيا وكبار ضباطه.

والملاحظ على معاهدة "فرساي" أنها أعطت دوراً للقضاء الوطني الألماني عند صياغة النظام القضائي الجنائي الدولي. بل كانت له الأولوية للنظر في القضايا الموجهة لمرتكبي الجرائم ضد مواطني أكثر من دولة من الدول المتحالفة .. لكن ما يعيب هذه المعاهدة هو عدم الاعتراف بالأحكام الصادرة والاجراءات التي تكون قد باشرتها المحاكم الألمانية أو محاكم أي دولة حليفة لها.([10]) وهذا ما يوحي إلى تقييد صلاحياتها القانونية وخصوصاً في محاكم دول الحلفاء لإصدار قراراتها وبما يتناسب ووجهات نظرها حتى وإن خالفت نصوص القوانين.

كما شكل المؤتمر – فرساي- لجنة ضمت في عضويتها ممثلين اثنين من كل دولة من الدول الخمس العظمى آنذاك أطلق عليها (لجنة تحديد مسؤولية مبتدئي الحرب وتنفيذ العقوبات) وأنهت اللجنة أعمالها في التحقيق في الجرائم المرتكبة أثناء الحرب وتحديد مسؤولية مبتدئي الحرب وكل من يخالف قوانينها وأعرافها من أجل محاكمتهم.([11]) ومما يؤشر للمادة (229) الفقرة (ج) من المعاهدة أنها سمحت للمتهمين بتوكيل محامي دفاع يترافع عنهم وهو حق من حقوق الدفاع القانونية في دفع التهمة المنسوبة إليه، والسؤال الذي يطرح هل أن المحكمة هي من انتدبت محامي الدفاع أم أن المتهمين لهم خيار انتداب محامي للدفاع عنهم؟ وفي الحالة الأولى لا بد أن يكون محامي الدفاع متأثراً بتوجهات دولته، أو أن دفاعة سيكون شكلياً وليس جوهرياً، وهذا مايخالف القانون. إذ أن المحامي ضمانة من ضمانات المتهم للدفاع عنه، وهذه الضمانة في هذه الحالة تكون غير مجدية في أغلب الاحيان.

واللافت للنظر ما جاء بالمعاهدة أن حكومة هولندا رفضت تسليم امبراطور ألمانيا (غليوم الثاني) الذي لجأ إليها، الأمر الذي دعا الحلفاء إلى بحث إمكانية اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية، إذ كان رد الحكومة الهولندية سلبياً لكونهما أبناء عمومة ولم يتمكن الحلفاء أو دولة المانيا من محاكمة غليوم الثاني بسبب رفض هولندا تسليمة، فجميع محاكمات الحرب العالمية الأولى كانت محاكمات داخلية بحته ولا تشكل سابقة في القضاء الدولي الجنائي بالمعنى الصحيح([12])

إضافة إلى أن طلب التسليم لم يكن جدياً لإحالته إلى التحقيق والمحاكمة، وهذا مما أتاح لحكومة هولندا أساس قانوني مشروع لرفض التسليم استناداً إلى ما جاء في مواد المعاهدة، بأن الحكومة الألمانية (سوف تسلم ...، وإنها سوف تقدم ... وإنها سوف توقع على إحالة ...) ومع ذلك فإن المعاهدة أرست قواعد قانونية إذ أنها أدخلت فكرة جرائم الحرب ([13]) وأنها أيضاً طرحت فكرة مسائلة الأفراد على المستوى الدولي عن أفعالهم غير المشروعة، وطرحت فكرة مسائلة رؤساء الدول وللمرة الأولى في القانون الدولي. ومثل هذه الفكرة لم يكن بالإمكان تقبلها قديماً في المجتمع الدولي، حيث نصت المادة (227) (الحلفاء والقوى المتحالفة يستدعون غليوم الثاني امبراطور ألمانيا السابق ... وسوف تشكل محكمة خاصة لمحاكمة المتهم ...).

وأخذت المعاهدة بمبدأ التكامل بين القضائين الوطني والدولي، حيث أجازت محاكمة مرتكبي الأفعال المخالفة لقوانين الحرب وأعرافها أمام المحاكم الوطنية للدول الحليفة أو أمام المحاكم الألمانية كما توضح في مواد المعاهدة آنفة الذكر... إلا أنه ما يؤخذ عليها، هو عدم الاعتراف بالأحكام الصادرة والاجراءات التي باشرتها المحاكم الوطنية الألمانية([14]) أو أي محاكم دولة حليفة لها، ولا غرابة من أن الدول التي تنتصر في الحرب تستخدم المرونة في القانون وتكيفه لصالحها لضرورات واهداف سياسية. اذ تجيز محاكمة مرتكبي الحرب من القادة والاشخاص في محاكم بلدانهم أي المحاكم الوطنية او محاكم الدولة الحليفة، لإعطاء صورة عن عدالتها الاجتماعية والقانونية وبنفس الوقت عدم الاعتراف بالأحكام الصادرة والاجراءات التي تباشرها المحاكم الوطنية لدولة المتهم، كما جاء في المعاهدة التي أبرمت بين الحلفاء والمانيا.

الصفحات