كتاب " الدار البيضاء - جنيف / رقم الرحلة : 8J 540 " ، تأليف قاسم الغزالي والذي صدر عن مؤسسة شمس لل
أنت هنا
قراءة كتاب الدار البيضاء - جنيف / رقم الرحلة : 8J 540
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
نحن المنفى.
كلُّ واحدٍ منا يبحث عن منفاه الخاص، وكل واحدٍ يعيش فيه المنفى؛ قبل أن يعيش بدوره المنفى؛ بأشكال عديدة.
أيمكن أن تكون الحياة هي المنفى؟ أم الإنسان هو المنفى ؟
إننا بشكل أو بآخر نلوذ في زاوية من الحياة، كمنفيين هاربين من العدم؛ في سفرنا نحو العدم.
في اليوم الذي أنشأتُ فيه مدونة إلكترونية على شبكة الإنترنت، لم أكن أعلم بأنني سأغرق في بحر بلا حدود، بحر بلا شواطئ أو مرافئ... فقط أمواج وكنوز وأسرار غارقة في القاع العميق.
لم أعلم أنني سأدخل إلى حرب حقيقية.. لكن، بأسلحة مختلفة، لا تقل خطورة عن تلك التي يستعملها الجنود في ساحة المعارك الدامية والمميتة. كما لم أعلم أنه بسبب كتاباتي سأُهدَّد بالقتل وأُطرد من المدرسة وأُتابع قضائيًا، لأجد نفسي مضطرًا لأعيش بقية حياتي بالمنفى.
لقد شكلت قناعاتي الفكرية والسياسية التي عبَّرتُ عنها من خلال المدونات والمواقع الاجتماعية عاملاً حاسمًا في قلب موازين حياتي رأسًا على عقب، ربما لأنني كنت مخطئًا لدرجة المجازفة في أن يوفر لي الإنترنت فضاءً حُرًّا للمرافعة من أجل حقوقي وتدوين همومي دون رقابة أو متابعة، ولربما كنتُ مخدَّرًا بوهم الحرية؛ القديسة الوحيدة التي تُعلِّمنا أن لا نقدس شيئًا، لكنها تتسلط وتحتكر كل القداسات لنفسها.
لقد عشتُ ولسنوات، بمجتمع لم تربطني به سوى مظاهر الثقافة الزائفة.. حفظتُ أناشيد الانتماء للوطن والدين والقبيلة والأمة الواحدة والصف الواحد واللون الواحد والإله الواحد والديكتاتور الواحد… ثم ردَّدناها في مجموعات، حتى بحت حناجرنا ونحن صغار...
حينما كبرتُ.. أدركت بأن وطني لا يشبهني، ابن لقيط أنا لوطن عاهر، إرهابي، مستبد.