كتاب " الدار البيضاء - جنيف / رقم الرحلة : 8J 540 " ، تأليف قاسم الغزالي والذي صدر عن مؤسسة شمس لل
أنت هنا
قراءة كتاب الدار البيضاء - جنيف / رقم الرحلة : 8J 540
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
يدفع جواز سفري برؤوس أصابعه وكأنه قطعة ورق مرحاض نجسة، يقول مصطنعًا المحبة :
- حظ سعيد.
سمعت حينها بعض نبض، نبضات روحي المفجوعة وجراحي المكسورة، دموعي الباردة المتحجرة بعيوني، أحسستُ برغبة في البكاء والصراخ والتمدد على الأرض وركلها كما نفعل ونحن نعيش أجمل سنوات تمردنا الطفولي.
لكنني الآن أشيخ وأحاول التخلص من الذاكرة، لا أرغب في الخلف أو حتى حساب كم خطوة اجتزت، فقط الآن بدأت، اليوم وُلدت، وشهادة ميلادي هي هنا.
أمواج من الحمم المنصهرة تصلبت، هي الآن صخر كلسي بعروقي...
لم أعد اشعر بمن حولي، ولم أعد أشعر بالحرج في نطق بعض الكلمات بالحرف العربي، أضحك بشكل هستيري كأحمق فقد كل شيء ولم يبق في ملكه سوى عقل لا يدرك أنه عاقل.
ما إن وصلت آخر بوابة لمغادرة المطار، حتى استفقت من وهمي ودخلت إلى حبكة وهم آخر يقول :
- أفق من أحلامك. أنت لست بالغرب يا معتوه. إنك الآن تبني زنازين غربتك.
لم أجد هنالك أحدًا ينتظر قدومي بلوحة مخطوط عليها اسمي بشكل محترم، أو موظف يجيب عن تساؤلات طالب لجوء مجنون.
لساعات طويلة وأنا مصاحب لحقيبتي كصنم لا يثير اهتمام أي فضولي، إلى أن وجدت شابًا يحاول طرق نفس الباب الذي كنت أهم بطرقه. سألته :
- سيدي، هل تدلني على مكتب شرطة الحدود، فقد بحثت طويلاً لكنني لم أهتدِ إليه. أرجوك ساعدني.
ابتسم في وجهي بعد أن ركّز عيونه علي يتفحصني، وكأنه يتساءل من أكون وما سرّ لكنتي الفرنسية الركيكة...
أقاطع نظراته قائلاً :
- إنني لاجئ ولا أعرف ماذا أفعل الآن، فقط وصلت سويسرا للتو.
يسألني عن بلدي وسبب لجوئي ووضع حقوق الإنسان والحيوان والحشرات بالعالم الإسلامي، بينما يحاول مساعدتي في جرِّ حقائبي ونحن نبحث عن مكتب شرطة الحدود.