تمهيد

«لقد اختتم الله بالإسلام رسالاته للعالم، فليس لنا أن ننتظر اتصالاً جديداً من السماء بالأرض يطهرها مما كاد يعمها من شرك وضلال وفساد، ولا نبياً بعد رسول الإسلام، يخرج العالم برسالة جديدة من الظلمات إلى النور، ولا قرآناً جديداً يهدي الإنسانية الحائرة إلى سبيل الرشد والسعادة. ولكن الله الرحمن الرحيم ترك فينا بعد هذا، أو بسبب هذا، كتاباً لن يضل من تبعه، وشريعة لن يشقى من عمل بها».

لقد حرر هذه الكلمات منذ أزيد من نصف قرن الأستاذ الدكتور محمد يوسف موسى وهو يقدم لكتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) لفضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي[1] وإننا لم نجد أفضل من هذه الشهادة العلمية كفاتحة لهذا العرض حول أهم التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية في الظروف العالمية الراهنة. وقد تكون سابقة إعداد ما سمي (الفرقان الحق)، مثالاً ساطعاً على هذه التحديات، وهذا ما نبه إليه قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي في الخطاب الذي ألقاه في آخر اجتماعات القمة العربية. بل إنه شبه هذه الواقعة ودفع الأمريكيين بامرأة من أجل أن تصبح إماماً بمثابة أسباب تغذي العنف والإرهاب والتطرف لدى العالم بأسره.

سوف نتحدث عما نعتبره أهم هذه التحديات، دون أن نقلل من أهمية باقي التحديات الأخرى، وذلك على اعتبار أن فقه الأولويات يلزمنا بأن نتوقف في الدرجة الأولى مع تحديات دون أخرى. ولذلك نحن نرى أنه قبل التفصيل في هذه التحديات، علينا تحديد أرضية مسلّمة ومتفق عليها، وسوف نختصرها بدورها في نقطتين اثنتين:

1- قضية الظرفية الزمنية.

2- وقضية الأرضية المرجعية.