أنت هنا

قراءة كتاب موت سريري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موت سريري

موت سريري

كتاب " موت سريري " ، تأليف وائل رداد ، والذي صدر عن منشورات ضفاف ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 4

أطفأ الشموع بنفخة واحدة وزوجه تطيل النظر إليه بعتاب وملامة، لكنه تجاهلها مقبلا الصبـي في جبهته قائلا بعجلة:

- عقبال مائة سنة يا (شاهر)..

قبَّلت الأم وحيدها على خده، في حين أشار الأب إلى ساعته من وراء الابن وتحت أنظار الأم، التي اكتفت بنظرة متجهمة وهي تشير له أن يرحل.. بإمكانك الرحيل مادامت رفقتنا لا تسرك إلى هذا الحد!

والصبـي لم يكن سعيدا، لا هدايا من أي نوع باستثناء دفتر رسم وأقلام تلوين، حتى الكعكة التي قطعوها رمقها بنظرات القرف والازدراء، فهو لم يعد يطيق الحلوى..

جلست الأم مع بعض النسوة يثرثرن، وتنحى الأطفال للعب والعبث بأثاث المنـزل، في حين انتحى (شاهر) جانبا كي يُخرج علبة السجائر التي سرقها من حجرة والده..

تناول سيجارة وهو يشاهد من خلال النافذة والده واقفا يشعل سيجارة هو الآخر باسما بخلاص لخروجه أخيرا من ذلك السجن، بدا سعيدا، لم يكن كذلك قبل دقائق معدودة..

والدته تحادث الجارات وتضحك، تضحك ملء فمها، تضحك شامتة لسماعها خبر طلاق صديقتها المقربة..

الأولاد يختلسون النظر إليه، اشتغل الهمز واللمز، وكأن أحاديث النسوة لا تكفي، انتقلت عدوى التهكم والشماتة للأنجال أيضا! يقلدون طريقته في التدخين ويتضاحكون ساخرين!

كتم سعاله بكفه، وذهب إلى الحمام حيث أقفل على نفسه الباب هناك..

شعر بشيء من السكينة.. أنا داخل مكان نتن الرائحة ومقفل، لا أحد يحس بـي، لا أحد يسأل عن وجودي، أنا منبوذ كصراصير هذا الحمام! لن يفتقد وجودي أحد أبدا!

ثم لم يشعر إلا وتيار كالكهرباء العنيفة يسري في عروقه.. انتفض بدنه بضع مرات، وتدفقت رغوة بيضاء بغزارة من بين شفتيه، وتحولت مقلتاه للون أبيض مفزع وكأن مسًا قد أصاب بدنه الضئيل..

توقف أخيرا عن الانتفاض، وهمد تماما كما لو استحال جثة هامدة..

عندما فتح (شاهر) مقلتيه الواهنتين وجد نفسه راقدا على سريره داخل سكن الجامعة..

كان العرق يتسرب من جميع مسامات جلده، وبنبرة هستيرية أخذ يردد وأنفاسه تتلاحق كما لو كان عائدا من سباق ماراثون:

- مجرد كابوس.. مجرد كابوس مفزع!

نظر من خلال النافذة فرأى الأفق يصطبغ بلون أرجواني خلاب، دفعه لأن يقول ساهما:

- الفجر ينبلج!

ونهض من على الفراش بتثاقل مرددًا في خلاص:

- كابوس مفزع.. مجرد كابوس مفزع!

الصفحات