أنت هنا

قراءة كتاب موت سريري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موت سريري

موت سريري

كتاب " موت سريري " ، تأليف وائل رداد ، والذي صدر عن منشورات ضفاف ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 9

طالعت كثيرا حتى شاب بصري بعض الضعف، لكن لا بأس، هذه ضريبة أدفعها عن طيب خاطر لمعرفة أفكار الأقدمين، كما أنها تنسيني ما يدور من هراء وخواء في العالم الخارجي..

في الحياة أمور أهم من مجرد معرفة مكان شيء أو شخص، من الانتقام! الانتقام سخافة جعلتنا أقرب للهمج، فقد علمتني السنون مراقبة الجميع بعيني الحياد وبكثير من الشفقة، هل سمعت بسيزيف؟

- دلني على المادة وإلا..

- كلنا سيزيف كما ذكر (كامو)! كلنا ذلك الإنسان العابث، أعمالنا هراء وأقوالنا هواء، نحن نأكل ونشرب ونتعاشر، أنت قادم من عالم تأكلون به لحوم الخراف والطيور وتشربون الماء والعصائر والمشروبات الروحية، تتزوجون كي تمارسوا المتع الجسدية وتنجبوا ذرية تدركون سلفا ميراثها في الحياة..

ثم تهبط للقاع بقدميك؟ في هذا الوكر؟ حيث يأكلون لحوم بعضهم بعضا؟ ولا يشربون سوى الخمور الرديئة؟ هنا الرذيلة بأسوأ صورها، والميراث مجهول أيضا.. بائع مخدرات؟ قواد؟ المستقبل هنا مظلم كقلوب الكفار يا سيدي.. أنت قدمت من عالم مثالي خيِّر بقدمين متهورتين، تظن عالمنا فهرسا في كتاب الفساد والظلام مفعما بمصطلحات المخدرات والدعارة، أنت وأمثالك تزورون المكان لمصطلحات عجيبة أجدها مضحكة لحد البكاء، تحسبوننا سوبرماركت للأشياء العفنة!

الأحراش في كل مكان يا صاحبـي، ليس عالمك الذي قدمت منه باستثناء، الآن وأثناء حديثنا ستجد زوجتك نائمة في أحضان شخص آخر، ستجد رجلا وقورا يعمل كأستاذ في مدرسة ابتدائية يداعب صبيا مداعبته لفتاة، ستجد في فنادق الدرجة الأولى التي يصورونها في البرامج السياحية على أنها الجنة غرفا مقفلة، هل فكرت بفتح إحداها؟ ستجد رجالا مع قواصر، وعجائز مع مراهقين و..

- لا تحدثني عن عالمك العفن فلم آت لسماع الحواديت المقيتة..

لم يغضب الرجل، ابتسم فحسب قائلا بتؤدة:

- لسنا بمستنقع لبصق الخيرين من أمثالك، فارحل بسلام وابصق في مستنقعك الخاص..

- سأبصق في وجهك إن لم..

قاطعه الرجل مقهقها، ثم أشار بسبابته قائلا ببسمة واسعة أظهرت نواجذه:

- لا تصدق ثقتك بنفسك فهي زائفة!

لا تصدق روايات البطولة فالكتابة أسهل من الفعل، أستطيع بقلمي هذا أن أسلخ جلد دب بأظافري! لكن الواقع أعسر بكثير.. صدقني!

صرخ (شاهر) ضاربا سطح المكتب بقبضته:

- (R.D.6)؟!

- آه! الإدمان مشتعل، مثل اللافا في العروق!

استعاد (شاهر) قبضته لاهثا كالراكض، فهمس المعلم:

- لا تحاول الاستخفاف بـي فأنت لم تخفني..

- أريد المادة اللعينة فحسب.. أرجوك!

راقبه المعلم مليا.. كان يحاول النبش بعنف فيما وراء نفسية هذا الشاب الواقف أمامه، لكنه اصطدم دوما بنظاراته السوداء..

- "اخلع هذه.. دعني أنظر في عينيك.."

مدَّ (شاهر) يده وخلع النظارة، فنظر المعلم بصمت طويل..

قطعه أخيرا لما قال بشغف:

- مجرد مدمن تعس آخر..

- لا أريد شفقتك..

- شفقتي؟ الشفقة ثمنها بخس في أسواقنا!

- كم تريد؟

- كم ستدفع؟

- ما تطلبه..

- المطلوب فادح لن تقدر عليه..

- لا يهمني..

- ربما أساعدك حقا، فأنت كائن ميال للوثب بين العالمين، بإمكانك تحقيق الكثير، عزمك على السير حتى مبلغ الهدف أمر مثير للاهتمام!

أرى ألا ضير من مساعدة زبون قديم وعزيز على جيوبنا وخزينتنا لكن بشروطي أنا، اعلم أن المُعلم ليس مجرد لقب تافه، أنا الحياة هنا، أهبها لمن أشاء! أنا الموت أوقعه بمن أشاء، أنا إله صغير في هذه البقعة الزائلة المنسية من الأرض، لا أهاب ويهابني الجميع..

- إذا أردتني أن أخر ساجدا لك فأنت واهم..

الصفحات