أنت هنا

قراءة كتاب المختصر في أخبار كنانة مضر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المختصر في أخبار كنانة مضر

المختصر في أخبار كنانة مضر

قبائل العرب تفاضلت فيما بينها بناءً على معايير أخلاقية كانت قد ارتضتها، فكانت تتفاضل بالمروءة وبكل عناوينها من شجاعة وكرم وحماية جار وحلم وإباء وصدق وما إلى ذلك.

تقييمك:
4
Average: 4 (4 votes)
الصفحة رقم: 2
وإذا كان الفرس الذين دخلوا الإسلام قد هددوا العرب والإسلام بأن كانوا خطراً على لغة الإسلام، من حيث لا يدرون، فإنهم وبعد أن اتسعت دولة الإسلام وتحت مظلة قيمه التي اتسمت بالمساواة بين الجميع. بزغ لهم قرن فراحوا يطعنون على العرب في أنسابهم، وثقافتهم منتقصين من قدرهم وعرف هؤلاء بالشعوبيين، قدح الشعوبيون في العرب فنالوا من شجاعتهم فعابوا رمحهم وحقّروه، وعابوا ثقافتهم وشعرهم بل إنهم هزءوا حتى من عمائم العرب وعصيهم. وكانت الشعوبية قاصدة للإساءة وشكّلت تحدياً قومياً وثقافياً ودينياً. فنهض رجل من بني كنانة وهو عمر بن بحر المعروف بالجاحظ، فتصدى للشعوبية وأخزاها وفتح باباً مشرعاً للآخرين كي يحذون حذوه ويذودون عن وجودهم.
 
ولما كانت العربية تعني اللسان، فإن بني كنانة عرفوا هذا بداهة فراحوا يذبون عن قوميتهم بأن يحفظوا لسان العرب. ولهذا فإن أبا الأسود الدؤلي – لم يكن رجل استقى فكرة النحو من روم أو يونان أو فرس فهو لم يكن عارفاً باللغات هذه، ولم تكن الترجمة عن اللغات الأخرى قد بدأت في زمنه – قد رتب للنحو العربي أبوابه ووضع اللبنة الأولى، وكان أبو الأسود عالِماً بالمفردات العربية محيطاً بها، حتى أنه كان يرى أن كل كلمة غير موجودة في حافظته قذراً يجب دفنه(1).
 
وكذلك كان نصر الليثي، قال عنه الزهري: إنه ليفلق بالعربية تفليقاً.
 
ورجل ثالث ومن قبيلة كنانة أيضاً وهو الليث الجندعي الليثي قيل أنه أتمّ كتاب العين المنسوب للفراهيدي، وقيل إنه هو واضعه.
 
هل هي محض صدفة أن يكون هؤلاء الرجال من قبيلة كنانة وأن يكونوا غيارى سابقين في الذود عن العرب وحفظهم بحفظ لغتهم؟ إن قبيلة هذا شأنها، يحمل رجالها العبء عن كل العرب، إضافة لشرفها في مضر – حق لها أن يحفظ تراثها ولو بمختصر.
 
______________________
 
(1) ورد في البيان والتبيين للجاحظ ص198 ما نصه: ((قال أبو الحسن: كان غلام يقعر في كلامه فأتى أبا الأسود الدؤلي يلتمس بعض ما عنده، فقال له أبو الأسود الدؤلي: ما فعل أبوك؟  =
 
= قال: أخذته الحمى فطبخته طبخاً، وفتخته فتخاً، وفضخته فضخاً، فتركته فرخاً. فقال أبو الأسود: فما فعلت امرأته التي كانت تشاره وتمارهْ وتهارهْ وتزاره؟ قال: طلقها وتزوجت غيره، فرضيت وحظيت وبظيت وقال أبو الأسود: قد علمنا رضيت وحظيت، فما بظيت؟ قال: حرف من الغريب لم يبلغك. قال أبو الأسود: يا بني كل كلمة لا يعرفها عمك فاسترها كما يستر السنور خرءها)) .

الصفحات