كتاب " المرأة في المثل الشعبي في الأردن وفلسطين " ، تأليف حسين نشوان ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب المرأة في المثل الشعبي في الأردن وفلسطين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

المرأة في المثل الشعبي في الأردن وفلسطين
مصادر المرأة في المثل الشعبي
تشكّل المصادر التاريخية والدينية والفكرية مرجعيات أساسية لبناء المثل الشعبي ودلالاته والاستناد على النسق الاجتماعي الذي يبيّن واقع المرأة ومكانتها وأدوارها، من هنا تصبح دراسة المصدر ضرورية لفهم صورة المرأة في المثل الشعبي، وتنقسم هذه المصادر إلى: مصادر تاريخية، ومصادر دينية، ومصادر فكرية وثقافية.
أولاً: المصادر التاريخية
ترسم المراجع التاريخية صورة مشرقة للمرأة في الحضارات القديمة، التي ارتبطت بدورها الإنتاجي ومكانتها في الأسرة (أُمّاً)، والمجتمع الذي ارتبط بالخصب مما قرّبها ووضَعها بمكانة الآلهة، إلّا أنّ صورة المرأة في المجتمع العربي القديم تراجعت عبْر عدد من التحوّلات وتوزيع الأدوار المتعلّقة بالعمل (قبل الإسلام) إذ أنها كانت تفتقد لأدنى الحقوق الإنسانية وهو حقّها في الحياة، حيث كانت تتعرّض (للوأد) فور ولادتها([6]) وبغضّ النظر عن حجم هذه الممارسة ومسوّغاتها إلا أنها كانت تستند لمسوّغات مشروعة اجتماعياً وثقافياً، فيقول العربي القديم للتهنئة في الفتاة: «أمّنكم عارَها، وكفاكُم مؤْنها، وصاهَرَكُم قبْرها».
وكانت المرأة تُملَك وتُورَث كالمتاع، حيث تُنقَل ملكية المرأة بعد وفاة زوجها لابنه الأكبر كما يُنقَل المتاع، ولهذا فقد كان العربي يُظهِر تشاؤمه من قدوم الفتاة. وبالرغم من إنصاف الإسلام للمرأة في مجالَي الملكية والحقوق وإكرام إنسانيتها، إلّا أن المراحل اللاحقة أعادت الصورة الروتينية للمرأة خلال مرحلة الحكم الأموي والعباسي والمملوكي، وأخيراً العثماني الذي تفشّت فيه صورة (الحريم) حيث حظر على المرأة الخروج من منزلها ومشاركتها في أنشطة المجتمع. وجاء الاستعمار الغربي ليؤكّد ويضاعف معاناة المرأة لتصبح معاناة اجتماعية وسياسية واقتصادية، فهي تعاني من اضطهاد الأسرة والمجتمع والمستعمر، «بالإضافة لمعاناتها من الاضطهاد القومي والاقتصادي تعاني من الاضطهاد الاجتماعي الممثل في التقاليد»([7]).
ثانياً: المصادر الدينية
مع أن الديانات بعامة -والإسلام على وجه الخصوص- جاءت لرفع مكانة الإنسان وآدميته -الرجل والمرأة- إلا أن إساءة فهْم بعض الإشارات والنماذج والنصوص خارج سياقاتها التاريخية وبعض المواقف العدَمية ومرور بعض العصور الظلامية قد عمل باتجاه معاكس لتلك الغايات.
ثالثاً: المصادر الثقافية
للنصوص الثقافية من شعر وقصص وآراء العلماء أثَر في تعزيز بعض الصور السلبية وتسرّبها للمثل الشعبي، آخذة في ذلك مشروعية ثقافية، ومن أمثلة ذلك قول الشاعر:
كلّ أنثى وإن بدا لك منها
إن مـن غـره النـساء بود
آية الـود حبها خيتـعور([8])
بعد هذا جاهل ومغرور([9])
وأدّت مثل هذه المرجعيات إلى ترسيخ وعي اجتماعي يقلل من شأن المرأة ويهملها ويتهمها. فهذه هند بنت المهلّب من عقلاء النساء تقول:
«شيئان لا تؤمن عليهما المرأة: الرجال والطيب»([10]).
وتمثّلت العقلية الاتهامية للدرجة الاحترازية من النظرة، حيث قيل:
لا تأمنن على النساء ولو أخـاً
كل الرجال وإن تعفف جهده
ما في الرجال على النساء أمين
لا بـد أن بنظـرة سـيخـــون
وقال الشاعر طفيل الغنوي:
إن النساء لأشجار تبين لنا
إن النساء متى ينهين عن خلق
منهن مر وبعض المر مأكول
فإنه واقع لا بد مفعول
ورأى الغزالي في «أدب المرأة»: «أن القول الجامع في آداب المرأة من غير تطويل أن تكون قاعدة في بيتها، لازمة لمنزلها، ولا يكثر صعودها واطّلاعها، فإن خرجت فمتخفية في هيئة رثة، تطلب المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق، محاذرة أن يسمع غريب صوتها أو يعرفها بشخصها»([11]) ولعل في مثل هذه الصورة ما يلخص دور المرأة ومكانتها في الثقافة العربية والتي تشكّل مصدراً من مصادر المثل والخبرة الشعبية التي نتناولها بالدراسة.

