كتاب " المرأة في المثل الشعبي في الأردن وفلسطين " ، تأليف حسين نشوان ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب المرأة في المثل الشعبي في الأردن وفلسطين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

المرأة في المثل الشعبي في الأردن وفلسطين
الابنة
تأخذ الفتاة (الابنة) توصيفها في المثل من واقع كونها أنثى ويتحدّد الموقف منذ ولادتها فيقال: «صباح الحية ولا صباح البنية»، «تكبر حية ولا تكبر ابنية»، ويقول لسان حال الأم أو الأب: «لما قالوا ابنية انهدت حيطة عليّه» لأن البنات -كما يقول المثل- مصائب «الولايا رزايا»، «هم البنات للممات».
ويوجّه المثل خيارات مجتمَعِهِ تجاه أفضل الخيارات للفتاة هو زواجها «شو عملت الحرة؟ تزوجت»، ويذهب المثل بطريقة تحذيرية إلى أن زواج الفتاة أيضاً لن يريح الأهل، فالزواج لا يعفي الأهل من المسؤولية ولا يريح من الهم! «زوجت بنتي لارتاح منها ومن بلاها أجت وأربعة وراها»، وهذا نابع من أن الفتاة (الابنة) إذا ما تزوجت فإنها تصبح لزوجها الغريب فهو يأخذ خيرها ويرميها «عظم بلا لحم» ومن هنا يقول المثل: «خير البنت لزوجها وشرها لأهلها»، وفي عرض المثل فإنّ الأبناء هم أبناء الأب «ابن ابنك الك، ابن بنتك لا».
وربما يكون الابن عدوّاً لأقاربه من جهة أمه «ابن الأخت عدو الخال»، وغالباً ما يخضع زواج الفتاة للصدفة ولا يجوز لها أن تقول رأيها، أو أن تؤسس لهذا الزواج بعلاقات خارج قنوات العادة والعرف والأسرة.
ويجبر الأب ابنته على الزواج ممن يريد هو بحسب قناعاته وأحياناً لمصلحته البحتة، فقد تتزوج الفتاة من يكبرها بعشرات السنين وهي ليست مخيّرة، بل يتعمّد الرجل (الأب) مخالفتها.
«شاوروهن واخلفوا رأيهن»، «البنت يا جبرها يا قبرها».
لأن الفتاة –حسب المفهوم الشعبي الذي يشكّل قناعة المجتمع وثقافته- لا تستطيع أن تختار فهي «ناقصة عقل ودين»([14])، ولو تُركت على رأيها يمكن أن تسيء الاختيار، إلا أن المثل -في مواقف أخرى- يجعل مجيء البنت فأْل خير، فهي مصدر البركة والرزق وخاصة للأم التي تساعدها في شؤون البيت وأعماله. وهنّ المحنّنات والملطّفات لجوّ الأُسرة والبيت حيث يكون وجودهنّ غالباً مقروناً بالبركة والحنان.
«بيت البنات بيت البركات»، «رزق البنات أكثر من رزق الصبيان»، «إذا كان سعدك قوي بكري بالبنت وثني بالصبي».
الأخت
تتشكّل الأسرة من الأب والأم والأبناء والأخوات وربما الجدّ والجدّة والعمّات والأعمام غير المتزوجين في الأُسرة الممتدّة، ويشكّل الأبناء (الذكور) في عرف المثل العزوة (القوة)، ومن هنا يبدأ التمييز بين الفتى والفتاة. وفي الوقت الذي تقول فيه الأخت: «ابن أمي ذهب بكمي»، وهذه العزوة هي التي تعطيها الشرف والأصل والسمعة الحسنة «ما يعز الغيد إلا ارجالها»، فإن موقف الأخ يميل للعرف الاجتماعي فيقول لسان حاله: «ماتت أختي يا سعادة بختي»، «إذا ماتت أختك انستر عرضك»، لكنه يدرك أيضاً مكانة الأخت، ويقول لسان حال المثل: «الأم ورضاها والأخت ودعاها».
وفي هذا الإطار وهذه المنظومة الاجتماعية فإنّ الأخت تبقى على هامش تركيبة العلاقات الأُسرية والقبلية بكل امتيازاتها وينطبق عليها ما ينطبق على المرأة بشكل عام.
العمّة، الخالة
العمّة هي أخت الأب والخالة هي أخت الأم، ومن هنا فإن المثل يشكّل منظومة للعلاقات الاجتماعية وهيكلها التي تأتي على لسان الأبناء لأخت أبيهم أو أخت أمهم، وترتبط بالمثل تبعاً للمناسبة والحادثة التي يقال فيها، فإذا كانت المناسبة تتعلق بطلب الزواج فإن النصيحة المقدمة أن يقاس على العمّات فهن مؤشّر لسلوك الفتاة مع زوجها «خذو البنات من صدور العمّات»، وفي الحالة التي تبحث العمة أو الخالة لابنها عن عروس فإنها غالباً ما تبحث عن القريبة التي تنفعها في (مكْبرها) تقدمها في السن، وتهتم بشؤونها وترعاها، ولن تجد أفضل من ابنة أختها أو أخيها، ولكن لسان حال المثل يقول: إن الخالة والعمة تختلف صورتها عندما تكون حماة.
وقد يكون السبب كثرة طلباتها، ومسألة أخرى ذات بُعْد سيكولوجي هي أن العمة أو الخالة -إذا كانت (حماة)- تتوقّع أن تأتي زوجة الابن القريبة لرعاية شؤونها، فتفاجأ بأنها قد أخذت ابنها «وحبة عينها» منها، وهذا يدفع العمة (الحماة) للصراع بلا رحمة مع زوجة ابنها التي ستصبح في مقام «الضرّة»، وهذا إذا ما أضيف له أن «الدم ثقيل على بعضه» و«الأقارب عقارب».
فيقول المثل بالمناسبة: «أردى الحموات العمات والخالات»، وقد ينسى المثل دور العمة والخالة كحماة، وينتقل إلى دور آخر تقوم فيه العمة والخالة بدور غير منظور في العلاقة الأُسرية، ففي حال الخلاف بين الرجال فإن لمشاعرهنّ ولطفهنّ وصلة الرحم ودعاء الولايا وإلحاحهنّ له دوراً في تخفيف تفاقم المشكلة «إذا قسيت القلوب وين المحننات».
وتنعكس طبيعة العلاقات الأُسرية على واقع المرأة فيها، فالعمة أخت الأب أكثر حرصاً على أبناء أخيها «العمة بتخلي العظام ملتمة، والخالة بتخلي العظام نخالة».
ولكن إذا غابت الأم فإن أكثر من يرعى الطفل بعدها هي الخالة «إذا ماتت الأمهات عليك بالخالات» ومع ذلك فإن الخالة والعمة ليس مرحّباً بهما دائماً وخاصة في إطار الجلسات الخاصة فيقال: «لو لمتهم أجت عمتهم، استهدوا بالرحمن أجت خالتهم».
الجدّة
هي أم الأب أو الأم، ويناديها أبناء الابن «ستّي، جدّتي...»، وغالباً ما تربط الجدّة بالأبناء بعلاقة حميمة من طرف واحد فما أغلى من الابن سوى الحفيد «ما أغلى من الولد غير ولد الولد»، «ما أغلى من الابن غير ابن الابن».
ومع أن المثل يؤكد أهمّيّة الكبير وقدْره ومكانته «الدهن في العتاقي»، «اللي ما إله كبير ما إله تدبير»، ولكن الأمر هنا مختلف بحكم صراع الأجيال الذي يأخذ طابعاً تهكّمياً، فيقال: «ستّي سكّرة وأكلها النمل».
ويُدرك المثل تغيّر الزمن فينصح الابنة عدم الركون إلى والدتها في رعاية أبنائها لتغيّر الأحوال فيقول: «حط ابنك في كمك ولا تخليه عند أمك».
ولكن الجدّة تقوم بدور تربوي «مهم» في نقل الموروث والحكايات والقصص من خلال الأمسيات والسهرات التي يقضيها الطفل في بيت الجدّة، إلا أن ذلك لا يتعدّى التسلية للصغار، بالرغم من تضمّنه للعبرة والوظيفة التربوية فبسبب الانقطاع بين الأجيال يفقد الحديث لغته المشتركة، فالكبير غالباً ما يستحضر أيامه الخوالي «إن كان العجوز بدها تتلذذ، بتحكي يوم عرسها».
وهذا ما يشير إلى صورة انقطاع بين الأجيال التي تتحوّل إلى حالة من الصراع والسخرية والتهكّم.
ابنة العم، ابنة الخال
في ذهن المثل الشعبي ووجدانه فإنّ ابنة العمّ -على وجه التحديد- هي عروس المستقبل وعند ولادة الفتاة يسأل الجميع: «شو جاب الله؟»، فيقال: «عروس». وترسم هذه الصورة لابنة العم باعتبارها من لحمه ودمه، وتستر عليه «بنت العم حمالة الأسية».
وقد يكون لاتساع النسب بين الأقارب -وبخاصة العمومة- دوافعه الكثيرة، فهو يعزز علاقات الرحم ويبني الأسرة ويقيم زواجاً بأقل التكاليف في ظِلّ العوز والفقر، وغالباً ما يتم الزواج بالبدل (الشغار)([15]) وكذلك فإن الرجل يختار فتاة يعرف أصلها وفصلها ولا يحتاج للسؤال عنها عادة المجتمع، وكل ما في الأمر أن تنتقل في إطار (الحوش الواحد)([16]) من غرفة إلى أخرى، في إطار هذه العلاقة وأعرافها فإنّ ابنة العم تصبح حقاً لابن العم، حتى لو كانت في يوم (دخلتها) وفي طريقها إلى بيت زوج آخر فإنّ لابن عمها الحق في الاعتراض وفسخ الاتفاق فيقال: «إذا تحراها ابن عمها بتحرم على الغريب»، «وابن العم يطيحها عن الفرس».
ومقابل ذلك فإن ابن العم هو الذي يستر على (ولاياه).
وهو ملزم بابنة عمه عشائرياً وعرفاً فهي رَحِمُه و(وليّته) «ويتعاير بمعيارها» «يحمل هم عملها»، لذلك يقال: «بنت العم هم»، ويقال: «بنت العم العورة لابن عمها».
وغالباً ما يعزف ابن العم عن الزواج من الأقارب لسبب أو لآخر فيقال: «جاجة الدار دورة وبنت العم عورة».
ولكن لسان حال المثل في كل الأحوال يفضّل علاقة القرابة للاعتبارات السابقة فيقول: «عليك بالطرق لو دارت وبنت العم لو بارت»، وكذلك «من طين بلادك لط اخدادك»، وأيضاً «زوان بلادك ولا قمح الصليبي».

