كتاب : خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري " ، تأليف د. نهلة الشقران ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
قراءة كتاب خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري
مقدمة
نشأت الرحلاتُ وتعدَّدت أشكالها، وحفظت جانباً عظيماً من الأدب والعلوم المختلفة كالجغرافيا والتاريخ، وصوَّرت واقعَ كلِّ رحالة. خاطب الرحَّالةُ ذاته قبل أن يخاطب غيره، ووصف موصوفه بدرجةٍ تُماثل تأثيره في نفسه، فشاهَدَ وعايَنَ وصوَّر، في خطاب ذي خصائص مضمونيَّة فنيَّة، وقوالب تعبيرية بنائيَّة تُعَدُّ معايير تحكمُ خطابَ أدب الرحلات.
تميَّز خطابُ أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري بطرائقه الوصفية الخاصة، فوصف الأمكنة، وخلق منها مشابهات وجدانية تجعله لا يرى المكان الجغرافيَّ، وإنما يحرِّره من أيِّ سلطة، ليبدو مزدوجاً بين الواقع والتخيُّل، فتصبح له صورة جديدة، لا تُرى إلَّا في منظوره الخاص.
عُرف هذا الخطابُ باختياراته على المستويين، المعجميِّ واللُّغويِّ، فنقل موصوفه واستحضره، كي يسدَّ به شقوقَ متاعب الرحلة، بصبغة خاصَّة يستشعرها متلقِّيه ويردُّها إليه، إذ تمثِّل آليَّاته في خطابه الوصفي، فنظر إلى العالم الخارجي وفق رؤيته الخاصَّة أولاً، ثم محدّدات الواقع ثانياً.
جاء اهتمامي بأدب الرحلات، انطلاقاً من أُطروحتي في الماجستير «رحلة ابن جبير، دراسة تركيبيَّة وصفيَّة»، بإشراف الأستاذ الدكتور سمير استيتية، في جامعة اليرموك، 2006. فوجدتُ في خطاب أدب الرحلات مادة وفيرة للبحث، وفي طرائقه الوصفيَّة ما يوحي ببراعة الواصف ودقَّته، فعمدتُ إلى دراسة خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري، وخصَّصتُ دراستي حول خمس رحلات تُعَدُّ الأشهَر، لأستخلص منها خطاباً موحَّداً شاعَ وتكرَّر، وبرزت سماته العامة، وأصحابها: الهمداني، الاصطخري، ابن فضلان، المسعودي، المقدسي.
عُنيت دراستي بالآليَّات التعبيريَّة في خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري، التي يصف بها موصوفه، باعتماد الأساليب اللغويَّة الأكثر تكراراً في الرحلات الخمس المدروسة، لعرض رؤى الرحَّالة وتطلعاته، جرَّاء تصوير المكان وأهله.. استند تحليلي لخطاب الرحلات إلى الواقع الخارجي للموصوف، والواقع النفسي للرحَّالة، فربطتُ بينهما وفق أُسُس نظرية الخطاب.
وظَّفَ خطابُ أدب الرحلات اختياراته اللغوية، لإيصال ما يريد من رضا وقبول للمكان، أو استياء ورفض له، فجاءت مكرَّرة في الرحلة الواحدة، وفي الرحلات المدروسة كلِّها.. برز التكرار سواء أكان في اللفظ أم في المعنى، واتَّخذ إطاراً عامَّاً يحدِّد هذا الخطاب، ويصبغه بصبغةٍ لغويَّة تجعله ميدانَ دراسةٍ لم تُطرق من قبل، بشكلٍ مخصوصٍ، إذ انصبَّ جُلُّ اهتمام الدراسات السابقة على فائدة الرحلات من النواحي التاريخيَّة، والجغرافيَّة، والدينيَّة، والسياسيَّة، والإنسانيَّة، ولم تدرس دراسات لغويَّة خاصَّة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: «تاريخ الأدب الجغرافي العربي» لكراتشكوفسكي (1957)، و«أدب الرحلة عند العرب في المشرق» لعلي محسن عيسى مال الله (1978)، و«الرحلة والرحَّالة المسلمون» لأحمد رمضان أحمد (1980)، و«الرحلة عين الجغرافية المبصرة» لصلاح الدين الشامي (1982).
أمَّا خطةُ هذا الكتاب، فاعتمدت فيها ما اقتضته ضرورةُ المنهج وطبيعةُ الموضوع، فجاء في ثلاثة فصول هي:
الفصل الأول: الرحلات في القرن الرابع الهجري.
الفصل الثاني: أبنية الخطاب في أدب الرحلات
الفصل الثالث: آليَّات الخطاب في أدب الرحلات.