كتاب : خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري " ، تأليف د. نهلة الشقران ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
قراءة كتاب خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري
4. المسعودي (287-346 هـ)
هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي المؤرِّخ، من ذريَّة الصحابي عبدالله بن مسعود، أكثر الكتاب الجغرافيين أصالة في القرن الرابع الهجري، كما يراه كراتشكوفسكي،
فهو مرتكز يُرجع إليه في تحقيق الأخبار، ومراجعتها»( ).
زار معظم أجزاء الدولة الإسلامية، فغطَّت رحلاتُه جميعَ الأقاليم، وقد ارتحل وهو في ريعان شبابه رحلات طويلة واسعة، واستمر ذلك نحو خمس وعشرين سنة، فسجَّل في مؤلفاته ما شاهد وما سمع وما قرأ( )، فخرجت مؤلَّفاتُه كاملةً في شكل دائرة معارف في معظم فروع المعرفة( )، «فلم يكن رحَّالة يحبُّ الاستطلاع فحسب كالمقدسي، بل كان أيضاً عالماً»( ).
أمَّا مُصنَّفه «التنبيه والإشراف»، فيظهر فيه مادة جغرافيَّة بالمعنى الصحيح، بالقياس إلى كتابه «مروج الذهب ومعادن الجوهر» الذي يُعدُّ كتاباً تاريخيّاً بالدرجة الأولى، ولم يغفل عن التاريخ في «التنبيه والإشراف»، لكنه جمع فيه بين التاريخ والجغرافيا والسياسة والعمران، فهو «يتضمَّن معظم ضروب العلم في عصره، ويمتاز على غيره من الكتب العربية بكثرة ما فيه من أخبار الأمم التي كانت تحيط بالعالم الإسلامي في العصور الوسطى، وبندرة هذه
الأخبار»( )، فجاء كتابه، إثر ذلك، بعيداً نوعاً ما عن التنظيم، لاشتماله على معارف كثيرة.
احتوت الرحلة مادة ضخمة جمعها في فترة زمنيَّة قصيرة، ويبدو أنه لم ينتقِ ممَّا جمع، بل أورد كلَّ خبرٍ سمعه، وكلَّ حادثٍ شاهده، هذا ما جعله مؤرِّخاً أكثر منه رحَّالة يميل إلى اللغة السلسة المألوفة. فيرى كراتشكوفسكي أسلوبه «وإن كان لا يرقى إلى مصاف الأدباء المتخصِّصين، غير أنه يمتاز بمسحة أدبية جيدة»( ).