كتاب : خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري " ، تأليف د. نهلة الشقران ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
قراءة كتاب خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري
. المقدسي (335- 390 هـ)
هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر، من بيت المقدس بفلسطين، وإليه يُنسب( )، اعتمد في كتاباته على رحلاته الواسعة التي غطَّت جميع أقاليم العالم الإسلامي، باستثناء الأندلس والسند( )، عُرف عنه حب الترحال، والتنقُّل، والبحث عن المعرفة.
«أعاد المقدسي تقسيم العالم إلى أربعة عشر إقليما،ً وأفرد لكلِّ إقليمٍ خارطة. فهو، إذن، يخالف تقسيمات سابقيه عن قصد، إذ لا يتبع التقسيم إلى سبعة أقاليم أو عشرين إقليماً، ويختار لتقسيماته الجديدة عدداً من المبرِّرات والأسس الجغرافية عن طبيعة بشريَّة»( )، وهذا يدلُّ على ثقته الكبيرة بنفسه، ومحاولته إبرازها وتميُّزها.
وتأكيداً لما سبق، نجده في كتابه «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» يذكر غير مرة فضل هذا الكتاب على كتب الآخرين، ويفتخر ويعتدُّ به، ويبدو ذلك أيضاً من عنوان كتابه.
يقف المقدسي موقف الناقد أحياناً من السابقين له في مجاله( )، وهذا الأمر لا يقلِّل من شأن رحلته، إذ تختلط فيها الجغرافيا بالأخبار، والعمران، وأحوال الناس.
جاء كتابه مُنظَّماً مُبوَّباً، له طابعٌ علميٌّ دقيق( )، يرسم به الخرائط ويحدِّد الطرق، ويصوِّر الأقاليم بمنهجيَّة واضحة؛ لذا حقَّق شهرة عظيمة، إذ يُعدُّ مصدراً ضرورياً لكلِّ باحثٍ في علم الجغرافيا بوجه عام ومفهوم الأقاليم بوجه خاص، علاوة على استفاضته لنواحي الحياة الاجتماعيَّة، والاقتصاديَّة، والفكريَّة بدقَّة وعناية بالغتين( ).
كانت الأسفارُ هوايتَه، والرحلاتُ سبيلَه، فلم يبخل بوقت أو جهد أو مال من أجل
تحقيق غايته، فيقال إنه أنفق عشرة آلاف درهم في ذلك( )، ممَّا جعل عبدالرحمن حميدة يرى أنه يعمد في رحلاته إلى التنكُّر وتغيير اسمه، والدخول في الطوائف المختلفة، كي تسنح له الفرصة دراسة بيئاتها، والوقوف على عاداتها وأحوالها( )، لشدة ولعه بالرحلات، وتعلُّقه بها.
يُعتبرُ المقدسيُّ خاتمةَ الجغرافيين الكبار من المدرسة العربية التي بلغت أوجها في القرن الرابع الهجري، وهو في رأي المستشرقين أعظم الجغرافيين عند العرب في جميع عصورهم( )، ويذكر بعض النقاد أن كتب المقدسي وابن حوقل في القرن الرابع الهجريِّ كانت الذروة التي بلغها العرب في وصف البلدان، فاعتبر آدم متز كتابه ذروة ما وصلته كتب الجغرافية العربية من تقدم في وصف البلدان ( ).