كتاب " أصول علمي الإجرام والعقاب "، تأليف د. طلال أبو عفيفة ، والذي صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب أصول علمي الإجرام والعقاب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أصول علمي الإجرام والعقاب
مقدمة
صراع الإنسان ضد الجريمة، هو صراع طويل ضد قوى الشر. والشر قديم قدم الإنسان، وهو باق ما بقي الإنسان، ومن ثم فالخير والشر متلازمان وأزليان وأبديان إلى ما شاء الله خالق الكون. فقد لازمت الجريمة المجتمع البشري منذ نشأته، فسفح الأخ دم أخيه الإنسان ظلماً وعدواناً، وكان مصرع هابيل على يد أخيه قابيل أول مأساة إنسانية على وجه الكرة الأرضية.
ومع مرور الزمن وتقدم البشرية أصبحت الجريمة من أخطر المشاكل الاجتماعية التي تواجه الأفراد والحكومات حتى كانت ولا تزال مرضاً عالمياً خطيراً يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، خاصة مع ظهور وتزايد الجرائم المنظمة عبر الحدود الوطنية للدول.
لذلك تحرك الباحثون والعلماء خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الماضيين للبحث في أسباب الجريمة من أجل القضاء عليها أو الحد منها على الأقل، فمنهم من أرجع الجريمة إلى عوامل عضوية ونفسية، ومنهم من أرجعها إلى عوامل طبيعية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية. وفي ذات الوقت تحركوا للتخفيف من قسوة العقوبات التي كانت سائدة وتُفرض على مرتكبي الجرائم منذ العصور القديمة والوسطى، فطالبوا بإلغاء العقوبات البدنية الوحشية، وحلّت مكانها عقوبات سالبة للحرية تمثلت في ردع المجرمين من ناحية، وتحقيق العدالة من جهة أخرى، بالإضافة إلى تطوير أساليب المعاملة العقابية داخل مراكز الإصلاح والتأهيل التي تهدف إلى إصلاح وتأهيل نزلاء السجون وتهيئتهم للعودة للانخراط في المجتمع بعد الإفراج عنهم.
وخلال البحث في أسباب الجريمة والعقوبة الملائمة خلال القرنين الماضيين ظهر علما الإجرام والعقاب كعلمين مستقلين وإن كانا مرتبطين ويؤثر كل منهما في الآخر، باعتبار أن لكل جريمة عقاباً، ولا جريمة إلا بنص قانوني، ولا يقضى بأية عقوبة أو تدبير احترازي لم ينص القانون عليهما حين اقتراف الجريمة. فعلم الإجرام تخصّص في دراسة أسباب وعوامل الظاهرة الإجرامية والحد من هذا المرض الخطير، بينما تخصّص علم العقاب في دراسة أغراض الجزاء الجنائي وتحديد أفضل الأساليب لتنفيذه على النحو الذي يحقق هذه الأغراض.
وبالرغم من حداثة علمي الإجرام والعقاب، فإنهما يقومان بدور هام بين العلوم الأخرى، ويحتلان مركزاً متقدماً ليس فقط على الصعيد المحلي، بل على الصعيد الدولي، وخاصة في المؤتمرات الدولية التي تعقدها الأمم المتحدة، وفي المؤتمرات الإقليمية. وقد ازداد اهتمام المجتمع الدولي في نهاية القرن العشرين وبداية هذا القرن بمكافحة الجريمة بعد ظهور أنماط جرمية جديدة لم تكن معروفة سابقاً رافقت التقدم العلمي والتكنولوجي وعصر العولمة، وخاصة انتشار الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية للدول، مثل: جرائم تجارة المخدرات، وغسل الأموال، وتزييف العملة وترويجها، والاتجار بالأشخاص والأعضاء البشرية، والقرصنة البحرية، والاستعمال غير المشروع لتقنية أنظمة المعلومات.
ولأهمية مادة علمي الإجرام والعقاب، تقرّر تدريسها كمادة أساسية في كافة كليات الحقوق في جامعات العالم، من بينها كليات الحقوق في فلسطين والأردن، وهي مادة مشوقة وجذابة وممتعة. وقد تميز هذا- المؤلَّف- بالأسلوب الموجز الخالي من التعقيد، والمعلومات المدعَّمة بأحدث الدراسات والأبحاث والإحصائيات الجنائية الصادرة في كل من الأردن وفلسطين والعديد من دول العالم. كما استحدث باباً جديداً في هذا- المؤلَّف- حول مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية لأهميته، وخاصة بعد إعلان الأمم المتحدة عام 2000 لاتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، والطلب من دول العالم التوقيع عليها وتطبيقها، وأيضاً إعلان الجامعة العربية في نهاية عام 2010 لاتفاقية عربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية بعد اجتماع وزراء الداخلية والعدل العرب في القاهرة والتوقيع على هذه الاتفاقية وأربع اتفاقيات أخرى، وبدء كل دولة عربية بتطبيق هذه الاتفاقيات من خلال قوانينها الوطنية.
لهذا، أقسِّم هذه الدراسة إلى قسمين، أولها لعلم الإجرام، وثانيها لعلم العقاب، على النحو:
القسم الأول: علم الإجرام.
الباب الأول: أولويات علم الإجرام.
الباب الثاني: النظريات العلمية في تفسير الظاهرة الإجرامية.
الباب الثالث: العوامل المؤثرة في الظاهرة الإجرامية.
الباب الرابع: مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية.
القسم الثاني: علم العقاب.
الباب الأول: أولويات علم العقاب.
الباب الثاني: الجزاء الجنائي (العقوبة والتدبير الاحترازي).
الباب الثالث: تنفيذ الجزاء الجنائي (المؤسسات العقابية والإشراف عليها، تنفيذ الجزاء الجنائي داخلها وخارجها).
وأخيراً، أقدم شكري للأديب ربحي المرقطن والدكتور صبحي عبيد لإشرافهما على التدقيق اللغوي لهذا الكتاب، والكتاب الذي سبقه "شرح قانون العقوبات–القسم العام". وأرجو أن يكون لهذا المؤلَّف قيمته لدى الدارسين والباحثين في المجال القانوني، فالنقص والخطأ واردان، وما الكمال إلا لله وحده الجبار العادل الرحمن الرحيم، وما التوفيق إلا منه.
المحامي الدكتور طلال أبو عفيفة
القدس