أنت هنا

قراءة كتاب الشعر وأفق الكتابة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الشعر وأفق الكتابة

الشعر وأفق الكتابة

كتاب " الشعر وأفق الكتابة " ، تأليف صلاح بوسريف ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 6

ما تزال "القصيدة" هي ما يحكم رؤية هؤلاء للعالم، وهي رؤية معيارية، لم تخرج عن نُظُم الشِّعر، كما جاءتنا، في جوهرها، من قديم الشِّعر، أي من "القصيدة" كمقترح شعريٍّ، حَجَبَ غيره، أو صار هو "عيار الشعر"، وليس فقط عيار "القصيدة".

ما نحنُ بصدده، في هذا الكتاب، هو تأكيدٌ للِصَيْروُرَة. المفاهيم والمعايير التي بها نقرأ الشِّعر، أو نُسَمِّيه، نعمل على تقويضها، ليس نظرياً، أي من خارج النص، وما يُصاحبه من "نقد"، بل من خلال النص الشِّعريِّ، كما يجري اليوم في الشِّعرية العربية المعاصرة، ومن خلال تأمُّلنا في المقترحات المختلفة عند مَنْ ما زالوا يُنْتِجون، ويكتبون، وليس عند مَنْ انْحَسَرَت تجربتهم الشِّعرية في زاوية من زوايا هذا المشهد الشِّعْريِّ الفُسَيْفِسائيِّ، الذي ليس من السَّهْل حَصْرُه في "القصيدة" ولا في شكل بنائها، ولا في المفهومات النقدية التي ما تزال تعيش على الماضي، البعيد والقريب معاً، دون وعي الصيرورة، وما حَدَثَ من تجاوُز في هذا السياق.

تقتضي الحداثة الشِّعرية أن نواكب تحوُّلات النص، ما يعتري الكتابة الشِّعريةَ من اختراقاتٍ، فنقد الشجرة التي تخفي الغابةَ، لم يعد يصلح لقراءة شِعْرٍ نَافِرٍ، خرج عن "الطَّوق"، أعني طوق المعايير التي طالما وجد فيه النقد مُتَّسَعاً لإضفاء الشَّرعية الشِّعرية على هذا الشَّاعر، ونفيها عن غيره.

الغابةُ اليوم، هي الأفق الذي يمكن أن يُتِيحَ لنا النظر في الشِّعر، وقراءته، دون حَصْره في مثال، أو في نموذج. انتهى شعر النموذج، وأصبحت الشِّعرية المعاصرة، تَحْتَكِمُ في شِعريتها للقيمة الشعرية، وهي، هنا، ليست معياراً، أو حُكْمَ "قيمةٍ"، بل إنها تحمل معنى الإضافة، والتَّنَوُّع، وتؤكِّد معنى الكثرة في الشِّعر، كما تجعل من الوعي الكتابـي، يكون أحد أهم تأسيساتها، فيما هي لا تنفي الشفاهية في الشِّعر، بل تعمل على الحَدِّ من هَيْمَنَتِها، وتحويلها، بالتالي إلى قيمة مُضافةٍ، وليس إلى قيمة شعرية كُلِّيَة، كما يحدُثُ حين نُعلي من قيمة الوزن، والإيقاع، ونجعلهما "الدال الأكبر" في الشعر.

في هذا العمل، وهو جزء من مجموع ما كتبناه، شِعْراً ونَظَراً، هو تذكيرٌ للنسيان، بتعبير فوكو، فالغابة هي ما علينا أن نذهبَ إليه، لا الشجرة، إذا أردنا أن نُدْرِكَ ما يَحْفَل به الشعر اليوم، من تَنَوُّع واختلاف، وما يحفل به من اختراقات.

الصفحات