أنت هنا

قراءة كتاب الشعر وأفق الكتابة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الشعر وأفق الكتابة

الشعر وأفق الكتابة

كتاب " الشعر وأفق الكتابة " ، تأليف صلاح بوسريف ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 10

(7)

حين صدر كتاب أدونيس "الكتاب، أمس المكان الآن"، في جزئه الأول، أثارَتْنِي فكرة التوزيع الخَطِّي التي شَكَّلَت نظامَ الكتابة في توزيع الصَّفَحات، واعتَبَرْتُ، آنذاكَ، أنَّ هذا العملَ، هو خُروج بنظام الكتابة الشِّعرية العربية، من سياق الشكل، أو التوزيع الخطِّي الذي بَقِيَت التَّجربة الـمُعاصرة أسيرة له، وأنّ عملاً من هذا القبيل، قد يكونُ نوعاً من "البداية"، لتغييراتٍ، ربما تنتهي بالشعر، إلى تغيير مجرى النَّهر كاملاً، أو جَرِّه إلى أخاديد أخرى، لم يَعْهَدْها من قبل.

هكذا تَصَوَّرْتُ الأُمُورَ، وهكذا اعتَقَدْتُ أنَّها ستسير، لأنَّ الأمرَ يتعلَّقُ بالكتابة، لا بما أُسَمِّيهِ "حداثة القصيدة"، التي لم تخرُج من سياق تجربة "الشِّعر الحُر". لكن حين عُدْتُ لقراءة هذا العمل كاملاً، أعني في أجزائه الثلاثة، بَدَا لي ما لم أكُن أتَوَقعه!

فالتوزيعات الخَطِّيَّةُ التي تَتَّخِذُ منها تجربة هذا العمل، فضاءات لِمُضَاعَفَةِ الصَّفحة، ولتنويع إحالاتِها، بين الشِّعري والتاريخي، هي مُجَرَّد إطار (cadre)، وليست تمثيلاً، لتوزيعاتٍ تَتَوَخَّى الكتابةَ.

الشَّفاهِيُّ في النص، أي الكلام، يَحْضُرُ بشكل كبير، ويتبدَّى حُضُورُهُ، في فَوْرِيَتِهِ، وفي صُورَتِهِ التعليمية، أعني، تلك الرَّوَاسِم التركيبية التي تستعيدُ بناء الجُملة، أو الصُّورَة، كما هي في النموذج الشعري القديم، وأقصدُ القصيدةَ، تحديداً. فالرَّوِيُّ الـمُتَكَرِّرُ، بشكلٍ مُتَوالٍ، رغم ما قد تُوهِمُ به الصورة من ابتداعاتٍ في علاقة الدَّالِّ بالشيء، أو بمدلولاتِه، وبناء "النَّظْم"، في المقاطع، أي طريقة تركيب الدَّوالّ، لا تعكس تماماً، جُرأة الصَّفحة، في خَوْضِ المكتوب، ووَعْيِهِ، رغم أنّ أدونيس، نظرياً، تَنَبَّهَ، إلى الفرق بين الشَّفاهَةِ والكتابة، وأصدر بياناً، في هذا الشَّأن، فهو لم يُذَكِّر النِّسْيَانَ، بتعبير فوكو، وظلَّ في ما يكتبه، شعرياً، أسيرَ صدى الـمُتنبـي، هذا الشَّاعر الذي كان يخوض الكلام كتابةً، ويحرصُ على تدوين اللِّسان، بكل تداعياته، بما فيه من فَوْرِيَةٍ وخطابية،. أعني هيمنة اللِّسان على البَنَان، أو بما يُسمِّيه بول زمتور بـ"منفى الكتابة" أي أنَّ الصوتَ، "يوجَد(شعرياً) في منفى الكتابة".

اليَدُ، في مثل وضع المتنبـي، كانت، وفق زمنها، وسياقاتها المعرفية على غير صلة بالوعي الكتابـي، فهي كانت تستجيب لِلِّسان، دون مُراقبته، أو مراجعته، وهو ما سيحدث لأدونيس نفسه في "الكتاب...".

الصفحات