أنت هنا

قراءة كتاب ثلاث عشرة ليلة وليلة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثلاث عشرة ليلة وليلة

ثلاث عشرة ليلة وليلة

كتاب " ثلاث عشرة ليلة وليلة  " ، تأليف سعد سعيد ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 4

نعم، ولكن ما همني إن لم يفهم الآخرون موقفي.. أنا أفهم.. أنا أعرف لِمَ وقفته.. لا يا سيدي لن أعتذر منه أبدا، وليحدث ما يمكن أن يحدث.. وعلى كل حال.. لم يعد الأمر يهم الآن، بعد أن فقدت كل شيء، وفقدت، الرغبة في الاستمرار، وتلك مشكلة أخرى، لأن الصحيح هو أن أقف الموقف الذي يجدر بـي أن أقفه عندما كانت الأمور تهم، أما الآن، فلم يعد له معنى هو الآخر، ومع ذلك، لن أتراجع هذه المرة.. هو لم يمت، وهذا كاف له، أما الإعتذار، فلا، وألف لا.. أرجوك سيدي، لقد أحببتك كثيرا منذ رأيتك، ولا يهون عليّ أن أرفض لك طلبا، ولكن هذا الطلب، لا.. هذا صعب جدا، فأرجوك، لا تحرجني.. أنا أعرف أنك تريد مصلحتي، ولكن أرجوك اتركني هذه المرة لأهتم بمسألة احترامي لنفسي الذي فقدته منذ زمن طويل، فهذا أمر مهم أيضا.. لقد تعبت.. تعبت كثيرا، وأريد أن أولي أمر احترام نفسي، إهتماما أكبر، وهذا الإحترام يحتم عليَّ أن لا أعتذر لرجل لا أحترمه.. لا أحبه.. رجل على خطأ، بل مليء بالأخطاء.. حتى إذا كنت أنا من كسر له فكه.. أرجوك.. أرجوك، لا تحرجني، لقد اتخذت قراري وانتهيت من الأمر.

في هذا نعم، أوافقك الرأي.. أنا استطيع ان أكلمك عن كل الأسباب التي جعلتني هكذا، أن اقص عليك قصتي، فنحن نمتلك الوقت لهذا لأنه سيبقى طويلا في المستشفى كما هو واضح، ولن يتنازل عن شكواه ضدي ما دمت لن أعتذر له.. وهذا يمنحنا وقتا كافيا، إن أردتَ ذلك طبعا.

ما أكرمك يا سيدي.. أنا بالفعل أحتاج إلى من يصغي لي.. أن أخفف عن نفسي.. أن أتطهر.. ويمكنك بعدها الحكم على سلامة عقلي التي يبدو أنك بدأت تشك بها بعد اصراري على موقفي، الغريب، بالنسبة لك، طبعا.. أنا.. أنا أستطيع أن ألخص لك قصتي بكلمة واحدة.. الحب.. أقصد، الإخفاق في الحب، هو كل قصتي.. لا ليس الافتقاد للحب، بل الإخفاق فيه.. أوه، يبدو أني سأحتاج وقتا طويلا حتى أفهمك معنى هذا، ولكني آمل أن لا أثير مللك.. شكراً

في يوم زاهٍ، كانت هي.. أقسم لك، ومن دون أية مبالغة، كان زاهيا بكل ما يعنيه الزهاء من معنى.. أنا لا أتقن لغة الشعر والمشاعر، أنا فقط أحدثك عمّا شعرت به في ذلك اليوم الجميل.. يا لله! أيعقل أنه قد مضى عليه أكثر من ثلاثين عاما.. في ذلك اليوم الذي نُقِشَ في ذاكرتي إلى الأبد، إستيقظت مبكرا على غير عادتي، ولأني استيقظت، قررت أن أذهب مبكرا إلى الجامعة، فكان ذلك اليوم هو أول يوم أحضر فيه المحاضرة الأولى منذ بدء الدوام.. ولكني خلال المحاضرة الثانية شعرت بملل وكدت أندم لأني استيقظت مبكرا، ما الذي فكرت به.. أنا يسار محمد محمود أستيقظ مبكرا.. تحججت بعذر سخيف، وغادرت قاعة الدرس، لماذا؟.. لا أعرف، هكذا فقط لأني أردت أن أغادر.. بعد دقائق قضيتها في الحدائق الداخلية للجامعة، قررت العودة إلى القسم الداخلي، لأنام، ولكني ما أن تحركت لأنفذ قراري، حتى رأيتها.. الله يا أستاذ، كانت لحظة لا تنسى.. صعقت.. نعم صعقت، فجمدت في مكاني.. كانت تسير مع زميلة لها.. نسيت الندم.. نسيت الملل.. نسيت النعاس.. رحت أنظر إليها كالمسحور.. منذ الوهلة الأولى أدركت أنها أحلى من (فاتن) وهذا أمر ليس بالقليل بالنسبة لي.. لا، لا تهتم لمن تكون (فاتن) فهذا ليس مهما، ولكني لم أر، قبل أن التقي بها، من هي أحلى من (فاتن) غير الممثلات في السينما.. تلك الفتاة الجميلة.. الرائعة.. الرقيقة.. المتألقة.. الواعية.. كيف أصفها لك.. لا لن أفعل.. بل سأفعل.. ولكن كيف.. حسنا.. شعرها، حين رأيت سواده من بعيد عرفت أنه مصبوغ، ولكن حين اقتربت ولاحظت خلو وجهها من المساحيق قلت لنفسي يمكن أن لا يكون صبغا، أما حين لمحت سواد عينيها فقد أيقنت أن ذلك السواد الفاحم طبيعيا، إذ لا يعقل أن تكون قد صبغت عينيها أيضا.. بدت عيناها كأنها تبتسم لفرط رضاها، عيون واسعات تآمرت مع ابتسامة لاذت بشفاه قانيات لبث الاضطراب في نفوس عاشقي الجمال، يا لها من شفاه!.. مكتنـزات تستظل بأنف دقيق، صغير متناسق مع وجهها الجميل، أنف عجبت لوجوده بين تلك الأنوف الكبيرة والمعقوفة والمفلطحة من حوله، تجمعت فيها مواصفات مذهلة، فأسرنني فورا، وجعلنني متيما بوجه قمري تفيض حمرة خدوده، جمالا أخاذا على ابيضاضه.. كلا، لن استمر في وصفها، فهي تعز على الوصف، بالنسبة لي، ولكني أعجب لحكمة إله قضى أن يخلق أنثى، فيقترب بها من الكمال، خلقا، في الوقت الذي يحرم الكثيرات غيرها من النعم التي أنعم بها عليها.. ألمجرد أن يغير قدري عندما أراها.. لا أعرف، ولكنها كانت كاملة الأوصاف في نظري.. بل كانت ملاكا.. ملاك بغدادي.. عندما اقتربت منها وهي تسير، توهمت أنها نظرت لي لثانية.. بل لجزء من الثانية.. ولكن نظرتها تجاوزتني، بل إخترقتني وكأن الصدفة وحدها جعلتني في مسار نظراتها الممتدة إلى شيء ما ورائي.. إخترقتني، ولكنها تركت في الوجدان، طعم العشق.. نعم يا استاذ العشق.. يا للسخرية، أصل بغداد وكلي أمل أن أحقَّ الحق ما استطعت، وأن أناضل من أجل الطبقات الكادحة التي أقسمت على الدفاع عن مصالحها ثم اسقط في أول فخ نصبه لي ملاك بورجوازي بغدادي!.

الصفحات