كتاب " ثلاث عشرة ليلة وليلة " ، تأليف سعد سعيد ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب ثلاث عشرة ليلة وليلة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ثلاث عشرة ليلة وليلة
- ولكنه لم يكن من بدأ الخصام.. بل كان يدافع عن نفسه فقط.
فقال الضخم وقد بدا الانفعال والغضب واضحين في نبرات صوته:
- لم يسألك أحد عن رأيك.. هيا إذهب في حال سبيلك.
ولكنه رد بإصرار:
- أنا أعرف أن أحدا لم يسألني رأيي، ولكني تورطت بأن أكون شاهدا على ما حدث.
فغر الرجل الممسك بولده ليضربه، فاهاً، وانخفضت يده المرتفعة، فيما قال الضخم بانـزعاج واضح:
- هيّا اِذهب.. اِذهب قبل أن.
فقال هو مستعينا بآخر قدرة له على الاستمرار بالهدوء المفتعل:
- قبل ماذا؟ هيّا يا رجل، فالمسألة بسيطة، إن هو إلا خصام أطفال، وقد كان ولدك هو من بدأه.. هذا كل ما أردت قوله.
صاح الضخم بغضب واضح:
- يا لك من وقح!.
أراد أن يجيب على الفور، ولكن لاحظ أن يد الأب قد ارتفعت لتستأنف ضرب الصبـي، فبادر إلى إمساكها لمنعها من تنفيذ نيتها، وصاح:
- لقد قلت لك، لا تضربه.
فصاح الأب عندها بغضب:
- افلت يدي أيها المجنون، هو ولدي وأتعامل معه كما أشاء.
فصاح هو الآخر:
- لا، هذا خطأ لن أسمح به.
فصاح الضخم أيضا وبحنق:
- يبدو أنك بحاجة إلى تأديب.
عندها شعر بتنمل في قدمه، عرف على الفور معناه، فقال لنفسه "أوه، اللمرة الثانية، في يوم واحد!".. ولكن الأحداث تتابعت بسرعة بعدها مع سريان النمل في جسده، صعودا إلى وجهه.
كان آخر ما لاحظه، وبطرف عينه، أن ذلك الضخم قد هجم عليه، ولكنه لم يع أن يده اليمنى كانت قد تكورت، وبدأت الأصابع تضغط بشدة على باطن الكف، لم يهتم لإشارات الألم الفظيع، التي بدأت تلك الأصابع شبه المتورمة، ترسلها.. عندما اخترقت الذراع المسددة للقبضة المضمومة بشدة، الهواء، كالسهم، كان قد دخل منطقة الغضب الكلي، التي تمنع عنه الرؤيا الواعية.. رسمت الذراع قوسا وهميا وهي تمضي نحو هدفها، وجه الرجل الضخم الذي كان لحظتها يرغي ويزبد، ولكنه عندما رآها، بان عليه الفزع، وحرك رأسه لا شعوريا في محاولة لتفاديها، فرسم بذلك، وبنفسه، زاوية لقائها بفكه.. لم يسمع الرجل، الصوت الناجم عن الضربة، ولكن الألم الهائل الذي شعر به، كرّ على موجة الغضب التي اجتاحته قبل لحظات، فجعلها تنحسر قليلا لتترك له هامشا صغيرا من وعي لما سيحدث من حوله بعد ذلك.. تطلع إلى الرجل الضخم الممدد على الأرض أمامه، ففكر مع نفسه "أوه، لقد مات" وسرعان ما اجتاحته فكرة مذهلة، فقال لنفسه وهو يسعى بعيدا عن الواقع الذي يطل عليه من خلال فسحة وعيه المتذبذب "ترى، لِمَ لَمْ أفكر بامتهان الملاكمة يوما" ولكن الأحداث لم تمهله حتى يبتعد بخياله، فقد سمع صوت الصبـي البدين وهو يصرخ برعب، ويملأ المكان نواحا.. وصاح به الرجل الآخر:
- من أين ظهرت أيها المجنون.. ما بك؟!
سمع أصوات أقدام تدك الأرض وهي تقترب منهم راكضة.. لغط وصياح، وقعقعة أجزاء الأسلحة الرشاشة والمسدسات وهي تعد للرمي، ولكنه لم يسمع صوت إطلاق رصاص كما توقع.. تجمع حشد من حوله، وتلقفته أياد وهي تدفع به إلى حيث لا يدري، ولكنه انصاع، فمضى معهم من دون ممانعة.