كتاب "الجامعة العربية والعمل العربي المشترك 1945-2000"، هذا البحث الذي قام على تحليل النصوص بغية استكناه دور هذه المنظّمة وفهم مسارها وإدراك غايتها يهدف أساساً إلى سد نقص طالما صاحب مثل هذا النوع من الدراسات من قبل فئتين من الباحثين هما فئة المنتقدين لدور ج
أنت هنا
قراءة كتاب الجامعة العربية والعمل العربي المشترك 1945-2000
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
غير أن هذه النجاحات لا تجعلنا نغمض العين عن العجز الذي أصيبت به الجامعة العربية خاصة عند معالجتها لبعض القضايا المصيرية، فقد فشلت الجامعة في قيام قيادة عسكرية عربية موحدة تضع الخطط وتحشد الجيوش وتعبئ الإمكانات للوقوف ضد المتربصين بالوطن العربي، ويرى البعض أن ذلك ناتج في المقام الأول عن اضطرار الجامعة إلى الالتزام بالحركة الشكلية لجميع أعضائها، وسيرها بفاعلية أضعف هؤلاء الأعضاء قدره على التحرك، ولذلك برز الاتجاه التوحيدي من جديد خاصة بعد نكبة فلسطين سنة 1948، فظهرت مشاريع وحدوية بين كل من سوريا والعراق، والأردن وسوريا، ومشروع الهلال الخصيب، ووحدة مصر وسوريا سنة 1958، والإعلان الاتحادي بين سوريا والعراق ومصر سنة 1963، ووحدة دول ميثاق طرابلس سنة 1970، وقد تمت هذه الخطوات خارج إطار جامعة الدول العربية، وقد رأينا في السابق كيف أن اتخاذ خطوات وحدوية بين هذا القطر وذاك، أو اتخاذ قرارات قومية مصيرية مثل شن الحرب على إسرائيل سنة 1973 لا يخل ببنود الميثاق، لأن المادة التاسعة منه نصت صراحة على أنه (من حق دول الجامعة الراغبة فيما بينها في تعاون أوثق، وروابط أقوى مما نص عليه هذا الميثاق أن تعقد فيما بينها من الاتفاقات ما تشاء لتحقيق هذه الأغراض).
وقد استطاعت الجامعة العربية نظراً لمرونة ميثاقها التكيف مع المستجدات في الساحة العربية، فمن الناحية الكمية زاد عدد أعضائها من سبع دول سنة 1945 إلى اثنان وعشرون دولة الآن، ومن الناحية الكيفية فقد شهدت الساحة العربية كثيراً من المتغيرات السياسية التي أثرت على أنظمة الحكم وتوجهات هذه الأنظمة السياسية والاقتصادية، كما تكيفت الجامعة مع الخلافات العربية التي كانت تنشب من حينٍ لآخر بين هذا القطر وغيره من الأقطار، كما استطاعت هذه المنظمة بفضل المرونة التي تملكها أن تنجو من الانقسام أو البعثرة.
لقد فرض على هذه المنظمة أن تكون معقدة التنظيم، فإضافة إلى كونها رمزاً للعمل العربي المشترك وإطاره العام، فقد تحملت الجامعة متابعة ملف القضية الفلسطينية منذ سنة 1948 وحتى الآن، إضافة إلى تشعب عمل الجامعة وتوسعه، فتعددت فيها اللجان الدائمة، والمنظمات المتخصصة، والمجالس الوزارية، والاتحادات والروابط المهنية، واقتحمت الجامعة مجالات لم يسبق لها ارتيادها، فوضعت استراتيجية للعمل الاقتصادي العربي المشترك التي أقرت في مؤتمر قمة عمان سنة 1981، وأرست دعائم وخطط في الميادين الاجتماعية والصحية والرياضية وشؤون الأسرة والمرأة والطفولة، وساهمت الجامعة في حل بعض الخلافات العربية فأنشئت قوة للردع في كل من الكويت ولبنان، وأقامت علاقات مع المنظمات الإقليمية المماثلة، فأنشئت الحوار العربي الأوروبي مع دول المجموعة الأوروبية، والتعاون العربي الأفريقي مع منظمة الوحدة الأفريقية.


