كتاب "الجامعة العربية والعمل العربي المشترك 1945-2000"، هذا البحث الذي قام على تحليل النصوص بغية استكناه دور هذه المنظّمة وفهم مسارها وإدراك غايتها يهدف أساساً إلى سد نقص طالما صاحب مثل هذا النوع من الدراسات من قبل فئتين من الباحثين هما فئة المنتقدين لدور ج
أنت هنا
قراءة كتاب الجامعة العربية والعمل العربي المشترك 1945-2000
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
أولاً: نشأة الجامعة العربية
المتتبع لتاريخ العرب الحديث يلاحظ وجود ظاهرتين متلازمتين تميزان هذا التاريخ، وتلقيان بظلالهما عليه، وتحددان مساره، هما السعي في سبيل الاستقلال والحرية، حيث كانت معظم الأقطار العربية خاضعة للنفوذ والهيمنة الاستعمارية فيما عدى القليل منها، والرغبة في تحقيق الوحدة العربية وهي مطلب شعبي في الأساس وهدف من أهداف الكفاح.
وصحيح أن بعض الزعماء العرب تعاونوا غداة الحرب العالمية الأولى 1914-1918 مع الحلفاء مقابل وعود ساقها الحلفاء وبالذات بريطانيا تقضي بمنح البلدان العربية الواقعة تحت السيطرة التركية حريتها واستقلالها، غير أن هذه الوعود ما لبثت أن تلاشت، فما أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى تراجع الحلفاء عن وعودهم، وطبقاً لاتفاقية (سايكس بيكو) تم تقسيم البلدان العربية بين الدول المنتصرة في الحرب وبالذات بريطانيا وفرنسا.
ومع بداية الحرب العالمية الثانية وكسباً لود العرب رأت بريطانيا أن خير وسيلة للتعامل مع العرب هي في تلبية بعضاً من مطالبهم، وهذا هو مغزى التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية البريطاني المستر (ايدن) في مجلس العموم البريطاني بتاريخ 21/5/1941 الذي أعلن فيه حق هذه الدول في إقامة منظمة إقليمية تحت شعار (الوحدة العربية) وقد اعتبر الكثيرون هذا التصريح بمثابة البداية الحقيقية للجامعة العربية(1). وعادة ما تتهم هذه المنظمة القومية بهذه التهمة، وصحيح أن هدف بريطانيا من هذا التصريح وغيره هو أن تصب النتائج في صالح أهدافها الاستعمارية، لكن ما فتئت الدول الغربية أن ناصبت الجامعة العربية العداء بعد أن تبين لها أن هدف هذه المنظمة هو تصفية الاستعمار ومرتكزاته في المنطقة.
هذا عن النتائج العامة لتصريح وزير الخارجية البريطاني، أما عن النتائج المباشرة لهذا التصريح، فقد برزت في القاهرة وبالتحديد عندما دعت الحكومة المصرية سنة 1943 رؤساء الحكومات العربية إلى إجراء مباحثات ومشاورات لبحث توثيق الروابط الثقافية والاقتصادية والسياسية بين بلدانهم. وشكل المجتمعون لجنة تحضيرية اجتمعت في الإسكندرية سنة 1944 وانتهت بوضع (بروتوكول) الإسكندرية، وقد برزت أولى الخلافات في القاهرة سنة 1945 عند إقرار الميثاق، ومن هذه الخلافات اسم الجامعة فاسم (جامعة الدول العربية) اقتبس أساساً من المشروع اللبناني وقد اختير هذا الاسم بدلاً من (الجامعة العربية) الذي تقدم به العراق، وانطلاقاً من ذلك أخذت بنود الميثاق المصادق عليها سنة 1945 تردد لفظة (الدول العربية) بدلاً من الأمة العربية أو الوطن العربي، والخلاف الثاني الذي برز عند وضع الميثاق هو هل تكون هذه المنظمة شكلاً من أشكال الاتحاد أو نوعاً من أنواع الوحدة، أم مجرد أداة للتعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء، وقد خرج المجتمعون في القاهرة بفكرة سيادة كل دولة من الدول الأعضاء، الأمر الذي (جعل من الجامعة نادياً سياسياً تجتمع فيه الدول العربية للحوار والمناقشة وإصدار القرارات إذا أمكن، ولكن في النهاية فإن هذه القرارات لا تلزم إلا من يقبلها) (2).


