أنت هنا

قراءة كتاب في شقتنا خادمة حامل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في شقتنا خادمة حامل

في شقتنا خادمة حامل

تتحدث رواية (في شقتنا خادمة حامل) عن سالم، الشاب البحريني الذي قادته طموحاته العلمية إلى السفر إلى لبنان في أوائل السبعينات ليلتحق بواحدة من أفضل الجامعات في الشرق الأوسط، في مدينة كانت وقتها من أجمل مدن الكون وأغلاها وأكثرها تحررًا وانفتاحًا وتعددية، هناك

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
أخرج من العلبة التي اعتلاها كمٌّ من الغبار سيجارة يتيمة· أشعل السيجارة بقداحة بدت هي الأخرى مغبرة· لم يكن سالم مدخنا رسميا، لكنه كان يتسلى بالتدخين من وقت إلى آخر· بدأ في سحب الدخان بعمق إلى جوفه· أطلق الدخان إلى الخارج بقوة، حتى كادت الغرفة تمتلأ بسحابة  كثيفة حاجبة للرؤية· كان سالم كمن يحاول بهذا العمل أن يحجب فعلا صورة مزعجة عن مخيلته، بل قل حجب مجموعة من الصور الكئيبة من تلك التي التصقت بمخيلته منذ أن التحق بوظيفة سكرتير ثالث في وزارة الخارجية· اليوم فقط شعر سالم بأنه تحرر من القيد، وعاد حرا طليقا· فقد رمى للتو ورقة استقالته في وجه مديره الأرعن صالح، الذي كثيرا ما تدخل في خصوصياته اللصيقة، بحجة أنه سيكون يوما ما دبلوماسيا كبيرا يمثل بلده في الخارج، وبالتالي فلا بد عليه من الآن أن يفعل كذا ويتجنب فعل كذا، ويلبس هذا النوع من الهندام ويترك ذاك· لم يكن سالم يوما ما حاقدا أو حسودا أو ذو طبيعة متعجرفة بشهادة كل من تعامل معه، لكن هذا المدير بأسلوبه الفج، وخلطه لما هو مطلوب منه أثناء الدوام الرسمي وخارجه، جعله يتمرد بعض الشيء على طبيعته السلسة وطيبته المشهودة· كان المدير في نظر سالم أقل منه تعليما بمراحل ··لا يجيد أية لغة أجنبية·· لا يتمتع بأية مواهب متميزة أو حتى كاريزما خاصة، فيما عدا فنون منافقة رؤسائه وأصول مسح الجوخ· الأمر الآخر الذي كان مثار استياء سالم هو المردود المادي الضعيف لوظيفته· لم يكن تغربه الطويل في لبنان للتحصيل الأكاديمي والتخصص العلمي، وما عاناه من مشقة العيش في واحدة من أغلى البلاد العربية، وما قاساه هناك من مخاطر الحرب والعنف والتفجيرات والاغتيالات على الهوية، يساوي في نظر جهاز الخدمة المدنية في بلاده سوى راتب شهري يعادل 1500 دولار·
 
وبينما هو على هذه الحال من الشرود والتفكير في ما سيقدم عليه في الأيام المقبلة، وصلت إلى مسامعه أصوات مشادة من الدور السفلي من المنزل· لم تكن الأصوات غريبة عنه· لقد اعتادها منذ أن جيء بخادمة من الفلبين لتساعد والدته في الأعمال المنزلية، فصارت الأخيرة تشتبك معها في جدال لأتفه الأسباب، لكن دون أن تصل الأمور إلى حد الضرب أو الإهانة أو الحرمان من الطعام أو تأخير الرواتب الشهرية، مثلما كان الحال داخل بيوت خليجية كثيرة من تلك التي بالغت في القسوة على خدمها، حتى وصلت الشكوى إلى مسامع منظمات حقوق الإنسان الدولية·

الصفحات