تتحدث رواية (في شقتنا خادمة حامل) عن سالم، الشاب البحريني الذي قادته طموحاته العلمية إلى السفر إلى لبنان في أوائل السبعينات ليلتحق بواحدة من أفضل الجامعات في الشرق الأوسط، في مدينة كانت وقتها من أجمل مدن الكون وأغلاها وأكثرها تحررًا وانفتاحًا وتعددية، هناك
أنت هنا
قراءة كتاب في شقتنا خادمة حامل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
لم يكن سالم محايدا بطبيعة الحال إزاء ما يحدث· كان قلبه مع سعدية المسكينة، لكنه لم يكن ليستطيع اتخاذ موقف ضد عبدالله الذي أكرمه وأسكنه معه من بعد حيرة وضياع·
كذا كان أيضا حال الساكن الثالث فهد، لكن لأسباب مختلفة· ففهد كان يرتعب من هيجان عبدالله وعصبيته من جهة، ويحاول من جهة أخرى أن يتجنب قسوة أحمد في نقده والاستهزاء بضآلة حجمه وقصر قامته· وفهد كان أيضا يريد، من خلال موقفه المحايد الصامت، ألا يترك فرصة لأي من الزملاء للغمز واللمز حول ما ادعاه إبراهيم ذات مرة، من أن سعدية تسهل لفهد ممارسة الجنس مع بعض زميلاتها من الشغالات الجديدات اللواتي كن يترددن عليها في المطبخ·
كانت سعدية تطبخ وتكنس وتمسح البلاط وتنفض السجاد، وتغسل وترتق وتكوي الملابس والملايات، وتلمع الأحذية وتشتري حاجات المنزل ولوازم الطهي، وتحضر الصحف وتعد الإفطار والغداء وتقدم الشاي والقهوة! ولم يبق سوى أن تغسل العربية! لكن العربية لم يكن لها وجود وقتذاك· كانت مجرد حلم من أحلام ما بعد التخرج والتوظف لدى سائر سكان المبنى من الطلبة·
سرعان ما استطاعت سعدية أن توفر من المهية الشهرية القليلة ومن بقاشيش الضيوف، والزوار والمصطافين الخليجيين العابرين على سكان الشقة 41 للسلام، بعض النقود لترسله إلى زوجها العاطل المنتظر على أرصفة الميناء السكندري·
وصل الزوج حمدي سريعا، وفي رأسه أشياء كثيرة مهزوزة، وبداخله طموحات لم يكن بينها للأسف العمل للارتقاء بحاله وحال زوجته المسكينة· بقي حمدي فترة طويلة عالة على سعدية في مدينة كانت تشهد وقتذاك منحى تصاعديا في أسعار كل شيء تقريبا·
كان الحصول على عمل ·· أي عمل، يتطلب - في حال غياب المؤهل الدراسي - شيئا من الخبرة أو الموهبة أو الخفيّة، أو في أضعف الأحوال شيئا، من الرغبة والاستعداد· اتضح لسعدية بعد فترة وجيزة من التحاق حمدي بها أن الأخير من النوع الذي لا يستهويه شيء سوى التسكع في الشوارع، والجلوس على المقاهي الشعبية أو الاسترخاء المنزلي والحصول على مصروف الجيب دون عناء·