تتحدث رواية (في شقتنا خادمة حامل) عن سالم، الشاب البحريني الذي قادته طموحاته العلمية إلى السفر إلى لبنان في أوائل السبعينات ليلتحق بواحدة من أفضل الجامعات في الشرق الأوسط، في مدينة كانت وقتها من أجمل مدن الكون وأغلاها وأكثرها تحررًا وانفتاحًا وتعددية، هناك
أنت هنا
قراءة كتاب في شقتنا خادمة حامل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
لم يكن الآخرون يحسدون طلبة الشقة 41 على وجود سعدية في بلاطهم بسبب شكلها الفيزيائي· كان مبعث حسدهم هو ما يختفي داخل ذلك الشكل من قوة التحمل والصبر ومناقب الطاعة والأمانة والاجتهاد· كان مبعث الحسد الآخر هو مؤهلاتها المطابخية العالية في صنع الأطباق الخليجية الشعبية ·· يوم مجبوس ·· ويوم محمر ·· ويوم مطفي ·· ويوم في قاعته، وفي نهاية الأسبوع طبق مصري مثل صيادية السمك أو مسقعة بادنجان، أو طبق لبناني مثل مغربية دجاج أو كبة بالصينية لم تكن سعدية بطبيعة الحال تحمل كل هذه المؤهلات عند توظيفها، لكنها تشكلت شيئا فشئيا بفضل كورسات مطابخية مكثفة، ونجاحها في اجتياز الامتحانات الصعبة·
لم يكن ما أزعج سالم في السنة التي قضاها في الشقة 41 هو الخصوصية التي افتقدها كنتيجة لمشاركته لعبدالله في غرفة نوم ودورة مياه واحدتين فحسب، وإنما أيضا تباين شخصيات سكان الشقة ما بين شخصية فارغة معتدة بنفسها، وشخصية نرجسية تبالغ في عشق ذاتها، وأخرى مأزومة من مظهرها وقلة حيلتها· الأمر الآخر المزعج هو المشادات التي كانت تقع بين الفينة والأخرى ما بين عبدالله وسعدية· كان عبدالله يتهم سعدية دائما بالغباء لأتفه الأسباب ويصرخ في وجهها إلى الدرجة التي تتجمد معها الدماء في عروق رقبته الغليظة· كانت سعدية كثيرا ما تخطىء فتضع تحت باب غرفة عبدالله صحيفة الأنوار بدلا من صحيفته المفضلة النهار، فكان هذا الخطأ البسيط غير المقصود مدعاة لهيجان عبدالله واتهامه لسعدية بالغباء، وقيام الأخيرة بالدفاع عن نفسها بطريقة غبية بالقول ما هية الأنوار زي الأنهار
في أحايين كثيرة كان دفاع سعدية يتخذ طابع النحيب والشكوى لأحمد الذي كان يأخذ بخاطرها بكلمتين حلوين معطوفتين على زوج من الليرات اللبنانية· لكن أحمد كانت له ملاحظاته أيضا على أداء سعدية· فكثيرا ما اتهمها ببطء التعلم وقلة الفهلوة، ولا سيما حينما كان يأتي موعد المراجعة الشهرية لميزانية الشقة، التي أوكل له الإشراف عليها· هنا كان ينقلب المشهد السابق، فيبدو أحمد هو الغاضب على سعدية، بينما عبدالله هو الحاني عليها·


