أنت هنا

قراءة كتاب مصابيح أورشليم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مصابيح أورشليم

مصابيح أورشليم

مصابيح أورشليم: رواية عن إدوارد سعيد، هي رواية للكاتب الروائي العراقي علي بدر، صدرت طبعتها الأولى في العام 2006، إدوارد سعيد في القدس، يرافقه يائيل وإيستر، وهما من أبطال روايات إسرائيلية، حيث يقودانه في المدينة التي غيرت الكولونيالية معالمها، فأصبحت غريبة ع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
غير أن المخاطر كانت كثيرة ولاسيما لشخص مثلي ترك العراق منذ زمن بعيد، فمعرفتي بالطرق والشوارع والأزقة والمحلات الخطرة ضعيفة، كما أني لا أستطيع حدس المخاطر التي تحيط بي، فأثناء غيابي تغيرت المعطيات كثيراً عما كنت أعرفها، لذا كان علي المغادرة بالسرعة القصوى، فالغرباء هم أفضل الأهداف نسبة للمسلحين، كما أن الصحافيين هم أيضا عرضة لاختطاف جهات عديدة·
 
***
 
بعد أن أشعلت الفانوس في حجرتي بسبب انقطاع التيار الكهربائي، جلست أمام منضدتي في حجرتي القديمة في منزل أهلي، كتبي على حالها كما تركتها منذ أعوام، ملابسي معلقة على الشماعة أيضا، فقد حرصت أمي أن لا يدخل أحد إلى الحجرة منذ مغادرتي وحتى اليوم، اللوحات على الحائط علاها الغبار، وصورتي أنا وأيمن مقدسي وعلاء خليل ومجموعة من الأصدقاء الكتاب الشباب بعد حرب الخليج الثانية موضوعة في الزاوية أيضاً· كان الورق الأبيض أمامي، ومخطوطة صديقي أمامي أيضاً، ولكني بدلاً من قراءة المخطوطة والاطلاع على الأوراق والوثائق والصور والخرائط التي قدمها لي وإبداء ملاحظاتي عنها، بدأت أخطّ الأسطر الأولى من تقريري، وتدوين الملاحظات الأساسية التي رأيتها، وكتابة بعض الأفكار أو الخطوط العامة والأحداث التي رأيتها قبل نسيانها، وكانت في الواقع أشياء كثيرة، فهنالك وفي كل مكان تقريباً شيء ما مهم يمكن تدوينه، وكنت أملت نفسي بأني بعد تدوين هذه الملاحظات والمشاهد سأتفرغ لمخطوطة صديقي، غير أن الكتابة أخذتني حتى الصباح، وعند الفجر نمت، وحين استيقظت كان الضحى قد انقضى، فحملت الكيس الذي يحمل المخطوطة والأوراق والصور والوثائق كاملاً دون أن أفتحه، وذهبت به إلى المقهى، وبدلاً من الملاحظات التي وعدته بكتابتها له، أعددت له اعتذاراً مقنعاً، أو هكذا كنت أعتقد 
 
جلست في المقهى على الكنبة العتيقة المواجهة للزجاجة الخارجية، أصوات الانفجارات تسمع من بعيد، والمثقفون يتحدثون على الدوام عن الحرب، غير أنهم كانوا منقسمين تماماً فيما بينهم: الاحتلال، الإرهاب، المليشيات الدينية، استمرار الفوضى، الحرب الأهلية، بعضهم يقع في هذا الطرف والآخر في الطرف المقابل ولا لقاء بينهما أبداً، بعضهم متفائل جداً، والآخر متشائم جداً، وهذا الأمر كان يجرهم إلى نقاشات متعصبة وعمياء وإلى اتهامات كريهة، وأكثرهم أخذ يعمل في الصحف الكثيرة التي افتتحت تلك الأيام، أو مراسلين في الشبكات الإذاعية والتلفزيونية الأجنبية أو المحطات المحلية التي افتتحت حديثاً، أو مراكز الأبحاث وما أكثرها، باستثناء أيمن مقدسي الذي كان متشائما جداً، وترك كل عمل حتى عمله في الجامعة، وكانت عواطفه مشوشة تماماً ومضطربة، ولم يكن قادراً على إبداء رأي صريح بالأحداث بسبب الاتهامات التي يواجهها، وكان تبادل الاتهامات والشك بين المثقفين على أعلى درجة، ربما كان هذا الأمر من الأسباب الأخرى لاختفاء أيمن مقدسي أو لانتحاره، ومع ذلك جلست وتحاورت وتناولت الشاي مرتين، ودخنت السيجارة الأولى، والثانية، والثالثة، غير أنه لم يأت·

الصفحات