مصابيح أورشليم: رواية عن إدوارد سعيد، هي رواية للكاتب الروائي العراقي علي بدر، صدرت طبعتها الأولى في العام 2006، إدوارد سعيد في القدس، يرافقه يائيل وإيستر، وهما من أبطال روايات إسرائيلية، حيث يقودانه في المدينة التي غيرت الكولونيالية معالمها، فأصبحت غريبة ع
أنت هنا
قراءة كتاب مصابيح أورشليم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
وهو محق في هذا الأمر، طالما أني رأيت لديه كل هذا الاهتمام بكل ما هو متغير ومتحول، ولديه كل هذا الاهتمام بها كونها فن احتمال حقيقة وواقعاً، كما كان لديه هذا الاهتمام العالي بالأشياء التي لا تتجمد ولا تستقر أكثر من اهتمامه بالأشياء القطعية والثابتة والحاسمة وقلت في نفسي حسن ربما هذا يفسر بذاك طالما هو يكره الآديولوجيا، ويؤمن بالتغير، والتحول، وهو ذاته تغير وتحول أكثر من مرة في حياته، كما تحول وتغير إدوارد سعيد في حياته أكثر من مرة، إذن فإنه واقعي جدًا من هذه الناحية، وطبيعي أن يختار هذا المنحى، كما كان هنالك شيء آخر أيضًا: هو اهتمامه الشديد، ومنذ زمن بعيد برواية يوليسيز لجيمس جويس·
قال لي مرة، إنه يريد أن يصنع من إدوارد سعيد يوليسيز، ومن أورشليم دبلن·
ولكن وفي فترات إخفاقه وتعبه وانهياره، يعترف بأنه فشل في ذلك فشلاً ذريعاً، ذلك أن إدوارد سعيد لم يكن يوليسيز مطلقاً، كما أن أورشليم لم تكن دبلن أبداً·
مع ذلك كان يقول لي في فترات الراحة والانشراح وسعادة الاكتشاف:
كل واحد منا له أورشليمه الخاصة به
أورشليمه الخاصة به ماذا تقصد؟
أورشليم هي المدينة الضائعة هي الحلم والكل يبحث عنها هي اليوتوبيا التي لم تتحقق ولن تتحقق أبداً طالما أن خيالها أكبر من واقعها
كيف ؟
مدينة صغيرة لكنها احتلت كل هذه المساحة التاريخية من عقل البشر وعلى مر القرون إذن هي سرد موهوم أكثر من كونها واقعاًً
في الواقع-وهذا ما فهمته لاحقًا من تطور سيرته وحياته وكتابته-كان أيمن مقدسي يتحدث عن القدس بوصفها المدينة التي طرد أجداده منها في العام 1948 وهي المدينة الواقعية التي لها حياتها وآثارها وناسها ومواقعها، ويتحدث عن أورشليم بوصفها المدينة المحلومة التي تقع فوق المدينة الحقيقية وعلى خارطتها، وهذا الأمر يظهر على نحو جلي في لحظات خيباته وإخفاقاته ويأسه، وكانت هذه اللحظات كثيرة جداً، وليست قليلة أبداً، وهذا ما أثار استغرابي ولكنّني حين سألته مرة: لماذا لا يترك هذا الموضوع، ويشطبه تماماً من رأسه·
كيف أشطبه من رأسي أنت مجنون؟
كان يرفض التخلي عن هذا الأمر بشدة، بل كان يقول إن الكتابة عن هذه المدينة العجيبة، والبحث في تفاصيلها الغريبة، وأحداثها المعقدة، وشعوره بأنه يتجول في شوارعها، ويدخل مكتباتها، ويدخل جوامعها أو كنائسها، ويسير في بازارتها، ويسكن حاراتها وحده كافياً أن يمنحه من الراحة والسلام ما لم يكن أي شيء على الإطلاق يمنحه إياه·