تدهشنا القاصّة الفلسطينية سما حسن مرة أخرى بمجموعتها القصصية (يوميات امرأة محاصرة) الصادرة في أواخر كانون الثاني-يناير 2012عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، وتأتي المجموعة لافتة شكلا ومضمونا، فعنوان المجموعة(يوميات امرأة محاصرة)يدعو الى التفكر والتفكي
أنت هنا
قراءة كتاب يوميات امرأة محاصرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
لكن نظرة واحدة لوجه والد زوجها الغائب خلف شارب كث نصفه أشيب، ولعينيه الناريتين المرعدتين على الدوام تجعلها مضطرة إلى ابتلاع حرفين تود لو انطلقا، تستمر في العمل حتى غروب الشمس، تشعر أن بقايا زوجها تنساب على فخذيها، فتضع كفها المتربة من فوق ملابسها على فخذيها، لتوقف سيلاناً توهمت أنه سينزل على الأرض المعشبة بدويٍّ عالٍ، يلفت انتباه مَنْ حولها ويطرق أسماعهم، زوجها لا يرحمها، يوقع برجولته على جسدها المنهك كل ليلة، يكون متعبا أكثر منها ولكنه لا يتوقف عن ممارسة هذا العمل حتى مع بداية حملها، فهو يضحك ويقول وفمه يلوك الطعام:
- لا شيء يمنعني من حقي، حتى لو كان القادم فارساً سيحرر فلسطين....
ذلك الجزء من جسدها المؤدي إلى رحمها بفوهة صغيرة هي مدخل شهوة زوجها، ومرتع غريزته ومعرض رجولته، تشعر بأن هذا الجزء ومعه الرحم وكل ما له علاقة بهما، تكبر جميعاً وتتضخم حتى تتحول إلى كهف موحش مقيت لا يحمل إلا رائحة الموت والضياع، هي تموت وتضيع حين يصبح زوجها باحثا في مجاهل هذا الكهف، عدم قدرتها على إغلاق بابه كما كهف علي بابا الذي كان يفتح ويغلق أمام الكنوز بعبارة سرية، عدم قدرتها يقودها إلى إحساس أكبر بالعجز، وبحاجتها أكثر لكلمة لا ولو بإشارة أو حركة.
رغم تحصيلها العلمي البسيط فهي تستطيع قراءة القرآن، وقد قرأت آية قرآنية علقت في ذهنها طويلاً:
"نساؤكم حرث لكم"
مع هذه الآية عرفت أن جسدها كالأرض الطاهرة الطيبة التي تحتاج للرعاية والاهتمام لكي تمنح صاحبها أفضل الثمار، جربت في أحد الأيام فألقت بذرة في باطن الأرض، وأصبحت تلقي الماء فوقها بلا مبالاة وكأنها تطرح فضلات جسدها، ولذلك لم تنبت هذه البذرة رغم أنها من أفضل البذور التي أحضرها والد زوجها من سوق المدينة، وبعد مدة ألقت بالبذرة نفسها في جوف الأرض وكأنها أم تضع طفلها بحنو ورقّة، وبدأت تسقيها الماء كما تلقم طفلها ثديها، تحنو عليها وتتمنى من أعماقها لها النمو والترعرع.
وبالفعل فقد نبتت وشقت وجه الأرض وأصبحت نبتة جميلة، كلما رأتها تحسرت على جسدها الذي يحرثه زوجها، تمنت لو توقفه ذات ليلة، وقد حاولت حين اقترب بأنفاسه من وجهها، لم يحاول أن يقبّلها أو يشمّ وجهها وشعرها، هو متعب وهي تعرف، ولكنه يكابر ربما ليشعر أنه رجل في هذه الغرفة الضيقة، فهو خارجها واحد من عشرة أبناء يأتمرون بأمر الأب المرغي والمزبد طوال الوقت، ضمت فخذيها بقوة ثم رفعتهما إلى أعلى، ولكنه زجرها بهمهمة خافتة، وضرب بذراعه الغليظة بين ركبتيها بقسوة، مما جعلها تباعد ما بينهما خوفاً من ألم قادم.