أنت هنا

قراءة كتاب يوميات امرأة محاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يوميات امرأة محاصرة

يوميات امرأة محاصرة

تدهشنا القاصّة الفلسطينية سما حسن مرة أخرى بمجموعتها القصصية (يوميات امرأة محاصرة) الصادرة في أواخر كانون الثاني-يناير 2012عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، وتأتي المجموعة  لافتة شكلا ومضمونا، فعنوان المجموعة(يوميات امرأة محاصرة)يدعو الى التفكر والتفكي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 4

الزوجة الثانية

لم أكن أراها إلا ضرّتي، يحتضنها أمام ناظري، يقلّبها، يتلمسها، يمعن في محاسنها، يتغاضى عن مساوئها، يقضي معها داخل بيتي معظم وقته، يحرص عليها، ينهر أطفالي إن أهانوها، أو إن اقتربوا منها، يخصص لها مكان الوجاهة والصدارة في بيتي، بحيث أن الداخل يراها قبل أن يراني، دائمة لامعة براقة وجافة بعكسي أنا التي تقطر بللاً، ولذا يلمسها زوجي متى شاء، ولا ينتظر كما أفعل أنا حتى أجفّف يديّ وأبدّل ثيابي وأنثر بعض قطرات العطر السريعة والحذرة خوفاً من نفاد زجاجة العطر الوحيدة التي أضعها أمام مرآتي كأثمن أدوات زينتي، ولأقنع من يراها أنني امرأة تعتني بأنوثتها وتجيد اجتذاب زوجها نحوها كما تفعل الزهرة لتجذب فراشة أو نحلة.

كثيراً ما تعجبت كيف يطيق رائحتها التي لا تتغير، والتي لا أحبها رغم أن عطري بالنسبة لرائحتها لا يقارن، كيف يطيق لونها الشاحب المائل إلى الصفرة، ويلمسها وهي تخلو من النضارة والحمرة كما أنا، فوجهي يضج حمرةً حتى في عزّ الشتاء، وبياض بشرتي ناصع كلجّة مرمرية، ولكنه يفضلها عليّ ويعانقها أمامي، ويدفن رأسه تائهاً بين محاسنها التي لا أراها أبداً كذلك، ويتغاضى عن كل ما أراه فيها من مساوئ!! يجب أن أزيح ضرتي من أمامي، يجب أن أتخلّص من هذه الزوجة الثانية التي تزوج بها زوجي تحت سمع وبصر أهلي وعائلتي العريقة، والتي لم تبدِ اعتراضاً ولم تقم بثورة لإنقاذ ابنتها المدلّلة المرفّهة، ورضوا ورحبوا بأن يكون لها ضرة، وفي بيتٍ واحد، ولم يطالبوه بأن يخصص لي بيتاً، ولا أن يبعدها إلى مدينة أخرى، تبّاً لهم أهلي، لا يشعرون بشعوري، لكني سأريح نفسي بنفسي، سأزيح ضرّتي من طريقي!

أعلنت هذا الصباح الحرب عليها، أعلنت الحرب على الجريدة، نزلت أمام البيت رغم البرد الشديد، أنتظر الرجل العجوز الذي يوزع الصحف، والذي يدس الجريدة تحت الإطار السفلي لباب البيت، وانتظرت قليلاً وأنا أهمهم بيني وبين نفسي ببعض العبارات المهددة والمتوعدة حتى اطلّ بدراجته المتهالكة من بعيد، فتحفّزت وراجعت في عقلي الكلام الذي أعددته طوال الليل لأخبره به، كتلميذة تستعدّ في صباحها الباكر لامتحان، وحين أصبح أمامي ألقيت عليه تحية سريعة وشرعت أخبره بخطتي ومنحته في النهاية مبلغاً من المال.

حين دلفت إلى البيت كان زوجي ما زال نائماً، وأنا أشعر بالراحة والحرية لأن ضرتي لا تزاحمني هذا الصباح بيتي الصغير، وحين استيقظ وطلبها كالمعتاد ليقرأ العناوين الرئيسة، وهو في الفراش متأرجح بين خدر النعاس، وواجب النهوض للعمل، قلت له ببراءة:

- لم تصل بعد.

الصفحات