أنت هنا

قراءة كتاب رحلة بيدرو تيخيرا من البصرة الى حلب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رحلة بيدرو تيخيرا من البصرة الى حلب

رحلة بيدرو تيخيرا من البصرة الى حلب

تعدُّ رحلة بيدرو تيخيرا (المعروف خطأً باسم تكسيرا أو تاكسيرا) إحدى أهم الرحلات التي شهدها الشرق عموماً، والعراق خصوصاً، في مطلع القرن السابع عشر، وهي أول رحلة معروفة لرحّالة برتغالي في العصر الحديث بحد علمنا· ومع أن عدداً كبيراً من الرحلات الأجنبية وجدت طري

الصفحة رقم: 8
شط العرب
 
يتكون هذا النهر = شط العرب، الذي يستمد الناسُ المياهَ العذبةَ من قنوات تبعد ثلاثة فراسخ عنه، من التقاء النهرين الشهيرين، دجلة والفرات، عند القرنة، وهي آخر نقطة من بلاد ما بين النهرين، وتقع على بعد ثلاثة أيام شمالي مدينة البصرة(34)، وتوجد فيها قلعة للأتراك تسمى القرنة، أي النقطة، وهي تشرف على القناتين(35)· وهنا يتحد النهران ليصبا مياههما بين شواطئ مستوية على كلا الضفتين التي يسيطر على السهول الشمالية أو الفارسية منها الزعيم العربي مبارك بن مطلب، الذي يخوض الآن حرباً مع السلطان التركي، مدّعياً بأحقيته في تلك الأراضي وأراضي البصرة(36)· وفي تلك الأراضي توجد مدن مهمة وكبيرة مثل المقدم(37) والحويزة ودورق(38)، وهي مهجورة مع أنها ليست قاحلةً، لكنها غير مزروعة خوفاً من الأتراك· أما الأراضي الواقعة على الضفة الأخرى، أي الضفة العربية، فهي خصبة ومزروعة وفيها بساتين نخيل شاسعة وبساتين فاكهة وحدائق(39)· وهناك انعطافة كبيرة عند مصب النهر الذي يعود إلى مساره ليتجه هنا من الغرب إلى الشرق· وربما يبلغ عرضه في هذا المكان أقل من ميلين وعمقه في أوطأ مستوىً له نحو ست قامات في هذا الموسم، ومنسوبه منخفض وتياره قوي·
 
على كل شاطئ من هذه الشواطئ شاهدنا قطعاناً وأسراباً كثيرةً، وطيور إوز وبط ودجاج وبهائم أخرى· أما السكان فهُم من العرب الذين يتواصلون فيما بينهم سباحةً على جلود منفوخة =قِرب· وقد جاء الكثيرون منهم إلى سفينتنا لبيع الدجاج البحري والإوز والحليب والزبدة والتمور وغيرها من الأطعمة، وكلها بأسعار زهيدة جداً· وكانت هناك رياح معاكسة قوية، لذا سرنا ببطء مع اتجاه النهر· وبعد ثمانية أو تسعة فراسخ وصلنا إلى حيث ينقسم النهر على قناتين متساويتين: إحداهما تصبّ جنوباً نحو شبه الجزيرة العربية، وتدخل الخليج الفارسي عند القطيف بالقرب من البحرين، مشكِّلةً لساناً من الأرض على شكل جزيرة ربما يبلغ طولها أكثر من فرسخ(40)· أمّا القناة الأخرى فهي تلك التي أبحرنا عليها، ومنها على مجرىً منفرد، أوسع وأعمق· وإلى الشمال منها قليلاً وصلنا إلى جُزيرة عند منتصف النهر يبلغ طولها فرسخ واحد، وعُرضها نصف فرسخ، خضراء جداً وزاخرة ببساتين النخيل والحدائق(41)· والقناة الواقعة على جانب شبه الجزيرة العربية أعمق منها· فتابعنا رحلتنا ووصلنا عند الساعة الثامنة صباحاً من يوم السادس من آب إلى قرية السرّاجي(42)، الواقعة على بُعد خمسة عشر أو ستة عشر فرسخاً من هذا الشريط، حيث ترسو السفن المحمّلة لتفريغ حمولتها· فألقينا مراسينا قبالة حصنٍ كان الأتراك يشغلونه على جانب النهر، في إقليم مبارك(43)· فقد كان للأتراك الكثير من هذه الحصون هنا، سواءً في شمال الحصن أو جنوبه، لحماية المنطقة ومراكبهم من غزوات العرب·
 
تركتُ السفينةَ ودخلتُ القناةَ، التي ربما يبلغ عمق مياهها قامتين عند الجزْر، وأكثر من ثلاث قامات عند فيضان المدّ· وفيما يخص المدّ والجزْر فهو محسوس هنا، ومع ذلك فالمياه عذبة جداً(44)· وبعد رحلة أقل من فرسخ عبر هذا الجدول الصغير، المزدان من كل جانب بالأراضي المزروعة وبساتين النخيل والحدائق المروية هنا وهناك، وصلنا إلى البصرة·

الصفحات