يعد هذا الكتاب البالغ الأهمية في عالم السرد الروائي باكورة درجة الأستاذية التي حصلت عليها الدكتورة آمنة يوسف في هذا العام، وهو جزء من تخصصها النقدي الذي بدأ مع رسالة الماجستير ثم تواصل مع الدكتوراه وتتابع مع أبحاثها التالية التي قدمتها لنيل درجة الأستاذ الم
أنت هنا
قراءة كتاب تهجين الإتجّاه في سرد ما بعد الحداثة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
تهجين الإتجّاه في سرد ما بعد الحداثة
الصفحة رقم: 5
ويبقى أن نشير أخيراً إلى أن توصيفنا لهذه الرؤية الداخلية بأنها تنتـمي إلى الاتجاه الحديث، بحسب تقسيمنا للاتجاهات الأدبية الواقعة في مرحلة ما قبل تهجين الاتجاه·· يأتي هذا التوصيف من الملاحظة النقدية على الروايات التي تهيمن على بناها السردية الرؤية الداخلية مصحوبةً بتقنيات ظاهرة تيار الوعي الحديث، من قبيل: الفلاش باك (التذكر) والمونولوج والصورة السردية والتلخيص والحذف··· وشتى تقنيات تداعي المـعاني المستمدة من الحلم والخيال والمجاز··· وما إلى ذلك من التقنيات التي سيأتي التعريف بمفاهيمها، بحسب تجلياتها في رواية أمريكا نلي لصنع الله إبراهيم - موضوع المقاربة البنيوية لمرحلة ما بعد تهجين الاتجاه، لاحقاً··
3- الرؤية السردية الخارجية ذات الاتجاه الجديد·· ونقول: (الجديد)، تمييزاً لها عن الرؤية ذات الاتجاه الحديث، السابقة· هنا الرؤية السردية أكثر حداثةً وتطوراً، صحيح أن المستوى الذي تقع عليه هذه الرؤية هو مستوى أسلوب السرد الموضوعي لكنه الأسلوب الموضوعي - غـاية الموضوعية - فالراوي هنا إلى جانب عدم مشاركته في صنع الفعـل (الحدث) الروائي·· لا يتدخل، لا يعلِّق، لا يفسِّر، لا ينحاز·· تقنيـة محايدة تماماً، تقنية خارجية، ولذلك يُسمَّى الراوي الذي تنطلق منه هذه الرؤية السردية الخارجية، ذات الاتجاه الجديد المستمد مفهومه من مخترعات التكنولوجيا الحديثة ومن فن السينما تحديداً، وخاصة (الكاميرا) يسمَّى هذا الراوي لدى نقاد السرد: الراوي غير الظاهر ]الذي يكون[ عبارة عن كاميرا خفية أو عدسة مثبتة في زاوية من زوايا العالم المصور، هذه الكاميرا أو العدسة هي التي تلتقط ما يقع في محيطها وما يمتد إلى مرماها، فيبدو الشيء القريب منها كبيراً والبعيد عنها صغيراً، والذي يقع في مجالها معلوماً والذي لا يقع في مجالها مجهولاً، كما أن لون العدسة وشكلها يعكسان لون العالم المصور وهيأته، فيتلون هذا العالم بلونها وينكسر بانكسارها و يلتوي وينكمش بتقعرها وتستطيل بتحدبـها ويستوي باستوائها، ومن ثم فإن طريقة بناء هذا العالم المصور كله بكل جزيئاته وهيئاته وألوانه تتشكل تبعاً لشكل هذه العدسة الراصدة ولونها وزاويتـها وموقعها·(9)
بل قل: إن عيني هذا الراوي غير الظاهر قد تصبحان كاميرا متحركة لا مثبتة وحسب، على غرار الكاميرا السينمائية المتحركة التي تلاحق كل مـا يبدو أمام عدستها من مشاهد وأحداث وعلاقات·
ولذلك تسمي الدكتورة يمنى العيد هذا الراوي: الراوي الشاهد وتشبه دوره تارةً بدور الكاميرا وتعتبره تقنية آلية وتارةً أخرى·· بدور المخرج السينمائي الخارجي المحايد الذي تتحدد وظيفتـه البنيوية في مجرد الشهـادة على العصر:شهادة الكتابة على زمنها· علـى واقعها الثقافي، حيث، في هذا الزمن الذي تغيرت هويته التاريخية، واختلف واقعه الثقافي تراجع أثر الكاتب وضمرت فاعلية الكتابة· والتراجع ليس تلقائياً، بل هو قائم في إطار الشعور بهيمنة السلطة السياسية وقـوة حضورها في الثقافي، أو قدرتها على الإمساك بالثقافي·(10)
تلكم هي الرؤى السردية الرئيسة التي يتحدد مفهوم كلَّ منها، بحسب الاتجاه الأدبي المهيمن على كامل بنية النص السردي الواحد وعلى شتى التقنيات السردية الأخرى ذات الصلة البنيوية بمفهوم هذه الرؤية، أو تلك في مرحلة: ما قبل تهجين الاتجاه الأدبي التي نفترض أنها تسبق مرحلة ما بعد التهجين، حتى مع ظهور الرؤيتين المتفرعتين عن الرؤى السردية الرئيسة واللتين نعرض لمفهومها بإيجاز على النحو الآتي: