يعد هذا الكتاب البالغ الأهمية في عالم السرد الروائي باكورة درجة الأستاذية التي حصلت عليها الدكتورة آمنة يوسف في هذا العام، وهو جزء من تخصصها النقدي الذي بدأ مع رسالة الماجستير ثم تواصل مع الدكتوراه وتتابع مع أبحاثها التالية التي قدمتها لنيل درجة الأستاذ الم
أنت هنا
قراءة كتاب تهجين الإتجّاه في سرد ما بعد الحداثة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
تهجين الإتجّاه في سرد ما بعد الحداثة
الصفحة رقم: 6
ب- الرؤى السردية الفرعية:
1- الرؤية الثنائية··
وهي الرؤية التي يرى النقاد أنها ناتجةٌ، غالباً، عن امتزاج رؤيتين، هما: الرؤية الخارجية (التقليدية) والرؤية الداخلية (الحديثة)·(11)
وهما الرؤيتان اللتان عرضنا لمفهوم كلِّ واحدةٍ منهما في الصفحات الـسابقة، واللتان حين تكوِّنان هنا، ما يسمَّى بالرؤية الثنائية في بنيـة النص الروائي الواحد، فإنهما تظلان (برأينا) تحتفظان بالمفهوم الفنـي نفسه لكل رؤية منتمية لهذا الاتجاه التقليدي، أو ذاك الاتجاه الحديث، وما يمكن أن يلحق بهما من تقنيات كلِّ اتجاه على حدا···
ولذلك نرى أن هذه الرؤية الثنائية ناتجة عن رؤيتين متجاورتين وغير ممتزجتين، أو متزاوجتين·· ولذلك فإنها تنتميان إلى مرحلة: ما قبل تهجين الاتجاه الأدبي، بسبب أن هذا التجاور الذي يتـم بيـن الرؤيتين: (الخارجية التقليدية والداخلية الحديثة) في بنية النص الروائي الـواحد، لا ينتج عنه شكل روائي: (مهجَّن)(12)، جديد، ذو صفات أكثر جودة وأصالة وتطوراً ممَّا سبقه من الأشكال الروائية (والسردية عموماً) الـتي ظلت محتفظة بتقنيات كل اتجاه أدبي على حدا، وأبرزها تقنية الرؤية السردية التي تنطلق من خلال اتجاهها الأدبي بقية التقنيات السردية الأخرى وتتحدد مفاهيمها في بنية النص الروائي الواحد.
2- الرؤية المتعددة:
وهي الرؤية التي يظهر من خلالها أكثر من راوي يعبر عن وجهة نظره في علاقته بعالم الرواية· وذلك عندما يتناوب الأبطال أنفسهم [ مثلاً ] على رواية الوقائع واحداً بعد الآخر· ومن الطبيعي أن يختص كل واحدٍ منهم بسرد قصَّته، أو على الأقل بسرد قصة مخالفة من حيث زاوية النظر لما يرويه الرواة الآخرون· وهذا ما يسمَّى - عادةً- بالحكي داخل الحكي، وعلى مستوى الفن الروائي يؤدي هذا إلى خلق شكل متميز يسمَّى الرواية داخل الرواية (··) وليس من الضروري أن تكون الرواية داخل الرواية مشروطة بتعدد الرواة، فبإمكان راوٍ واحد أن يعقد علاقات بين مـقاطع حكائية مختلفة من حيث زاوية الرؤية، وهكذا يولد الراوي الواحد زوايا متعددة للرؤية·(13)
وحين تتعدد الرؤى من خلال وجهات النظر بين الشخصيات الروائيـة في المقطع الحكائي الواحد حول موضوع واحد بحسب ثقافتهم المتباينة، مثلاً، فإن ذلك يدل على تجاور هذه الرؤى السردية لا تـزاوجها في الروايات المنتمية برأينا إلى مرحلة ما قبل تهجين الاتجاه، هذه التي تنطلق الرؤى السردية فيها من مستوى السرد الموضوعي والراوي كلي العلم ومن مستوى السرد الذاتي والراوي محدود العلم، غالباً·
ولذلك يمكن اعتبار الرؤيتين: الثنائية والمتعددة (برأينا) من قبيل التمهيد الفني للشكل الروائي المنتمي إلى مرحلة ما بعد تهجين الاتجـاه، التـي تحققت لاحقاً في سرد ما بعد الحداثة، والتي نفترض أن روايـة أمريكا نلي - موضوع المقاربة في هذا الكتاب - نموذج ممكن للتعبير عنها··