من هناك، من تلك البيوت الناعمة المنمنة، من على سفح في جبل لا أعرف اسمه، من ضاحية النخيل، قلت لها كما قال نزار قباني: (صباحك سكر) يا عمّـان. صباح الورد والندى والخزامى. صباح الليلك والجوري وشقائق النعمان. أتهيّأ معك الآن ليوم آخر من أيام العمر.
أنت هنا
قراءة كتاب عن الأردن ومبدعيه
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
قرأت خالد الكركي ومحمود الريماوي وسميحة خريس وتيسير سبول وياسر قبيلات وهاشم غرايبة وزياد أبو لبن وعزمي خميس
وبسمة النمري وخليل قنديل وموسى حوامدة وانصاف قلعجي وسعود قبيلات وعبداللّه رضوان وفخري صالح وعثمان حسن وإبراهيم
نصر اللّه وهزاع البراري ومفلح العدوان وطلعت شناعة ويوسف ضمرة ويحيى القيسي وزهير أبو شايب وفايز محمود وآمنتُ أن محبة
الناس بركة، بل هي نعمة ربانية لا ينكرها إلاّ ضعاف النفوس.
**
ربما ضاع مني خيطي وعصفوري ذات عام، لكن الحياة أقصر من أن نخسرها من أجل خيط أو عصفور، لهذا رحت إلى القراءة
والكتابة في عمّان أسابق نفسي إلى بناء بيت أو عش من الكلمات والحروف والفوارز، إذا ما اعترف به أقراني من الشعراء وكتّاب
القصة القصيرة يكون اعترافهم صك (اقامة) لي ولعائلتي على تراب هذا البلد الذي وهبني طعم الطمأنينة وعطر الأمان، والذي اخترته
(باصرار) برغم ما تهيأ لي من مأوى في بلاد أخرى.
رأيتُ نصف العالم، أخذتني الطائرات والسفن العملاقة والمحطّات وقطارات الهيبيز إلى أقصى ما في الأرض من سحر وغابات ونساء
وغنج وموسيقى، لكن نكهة عمّان تضوع بين مسامات جلدي وترغمني دون شعوذة أو تملق على اختيارها واحة لذاكرتي ومنزلاً
لمذكراتي التي سيكتبها قلبي قبل أن يختارها قلمي.
أدهشتني واللّه، طيبة الناس، ونقاء السريرة، ونكران الذات، وكان كرم الأخلاق قد شملني عشرات المرات في منازل المبدعين، كيف
بي أنسى أجمل أمسياتي مع الترحيب الصادق مصحوباً بالمشاوي والمناسف اللذيذة في بيوت خالد الكركي، رفقة دودين، خليل
السواحري، يوسف ضمرة، موسى حوامدة، نهلة الجمزاوي، صباح مدني، مريم الصيفي، نبيلة صالح، وبدر عبدالحق أتشفع للّه سبحانه
أن يشفى فقد كان أول اسم يكتب عني في عمّان.
الحق أقول لكم، انني أحببت عمّان، بشراً ومدينة، فهي تملك كل ما تملكه بغداد من شجر وعواصف وأغنيات وشوارع خلفية ورماد
وشاي وحضارة وعنفوان وشهرزاد وجاه وأسواق وخواطر ورغيف خبز وجرأة وضجيج، ولا ينقصها غير (دجلة والفرات).
أنا في تركيبة وجداني، عاطفيّ جداً، إذا ما أحببت سأُحب بصمت، لكنني أموج وأتموج، وأكاد أنفجر هوى بمن أهوى، وهذا الكتاب
الصغير الذي يجمع كوكبة من المبدعين الأردنيين بين غلافيه، ليس سوى موجة أولى من بحر سوف يتسع ويتسع دون ريب لبقية
المبدعين، ولهذا اكرر مع نفسي دائماً ما قاله الشاعر عدنان الصائغ:
أيتها الفكرة اللاّبطةُ
كسمكة عنيدة
في حوض اللغة
أُحاول أن أتتبّع مسارك
في خطوط الماء
فتبتل أصابع ذهني
وتزلقين..
ماذا أفعل؟
إذا كانت أوراقي لا تسع البحر ؟!
عبدالستار ناصر
عمّان 5 0 0 2