كتاب "الإمام الشافعي حياته وشعره"، يعتري المرء وهو يقرأ عن حياة الإمام الشافعي - رحمه الله - أو يبحث فيها، إحساس مفعم بزيادة المعرفة، لأنه يقف حائراً أمام تميز هذا الإمام الذي شغل حياته في خدمة الأدب والفقه، وحسبه ما تحدثت عنه الكتب ومؤلفات العلماء ورفوف ال
أنت هنا
قراءة كتاب الإمام الشافعي حياته وشعره
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
مولده ونسبه
هو محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدْرِكة ابن الياس بن مضر بن نزار بن مَعَد بن عدنان بن أُد بن أُدَد.
وقد أجمعت الروايات على أنه ولد سنة خمسين ومائة للهجرة، سبع وستين وسبعمائة للميلاد بمدينة غزة الفلسطينية، وقيل أنه ولد بعسقلان التي تبعد نحو ثلاثة فراسخ عن مدينة غزة، كما تبعد مرحلتين أو ثلاث مراحل عن مدينة بيت المقدس. وقيل أيضا أنه ولد في نفس اليوم الذي مات فيه الإمام أبي حنيفة النعمان، ليقال فيما بعد: مات إمام وولد إمام. وأوردت بعض الروايات بأن الإمام الشافعي ولد بغزة ونشأ في عسقلان التي كانت تسكنها بعض القبائل اليمانية، وهذا الخبر يتفق مع رواية ياقوت: «لا شك أنه ولد بغزة وانتقل إلى عسقلان إلى أن ترعرع».
والإمام الشافعي هو أحد الأئمة الأربعة، وإليه ينسب المذهب الشافعي، ويتصل نسبه - كما يدل اسمه - بالرسول ﷺ عند عبد مناف، وكان رحمه الله شديد الاعتزاز بهذه الصلة، بل وكان يعتبر نفسه من ذوي القربى. وبهذا فليس صحيحا ما زعمه بعض المتعصبين، من أن الشافعي لم يكن قرشياً بالنسب، وإنما كان بالولاء فقط. وقد أجمع المؤرخون، أن الإمام ولد من أب قرشي مطلبي ينتهي نسب جدّه «الشافعي» إلى أحد أولاد عبد مناف الأربعة وهم: المطلب وهاشم وعبد شمس ونوفل، وروي أن المطلب هذا هو الذي ربّى عبد المطلب، جد رسول الله ﷺ (1) .
وصحة هذا الرأي ورد في رواية جبير بن مطعم: «لما قسم رسول الله ﷺ سهم ذوي القربى من جبير على بني هاشم وبني عبد المطلب، ومشيت أنا وعثمان بن عفان، فقلت: يا رسول الله، هؤلاء إخوتك من بني هاشم لا ينكر فضلهم، لأن الله جعلك منهم، إلاّ أنك أعطيت بني عبد المطلب وتركتنا، وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة، فقال ﷺ (إنهم لم يفارقونا في جاهلية وإسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد)، ثم شبك رسول الله ﷺ إحدى يديه في الأخرى».
هذا وزعم بعض هؤلاء المتعصبين أيضا في مرحلة التعصب المذهبي، أن شافعا والد السائب الذي ينتسب إليه الشافعي وهو جدّه لم يكن قرشيا بالنسب، ولذلك لم يلحقه الخليفة عمر بن الخطاب بموالي قريش، وإنما الذي ألحقه بهم الخليفة عثمان بن عفان عندما أصبح خليفة للمسلمين. وهذا القول يخالف ما اشتهر من قول الشافعي عن نسبه الذي لم يخالفه فيه أحد من معاصريه، كما يخالف الروايات في عصره، وكذلك ما أورده الفخر الرازي في رده على زعم أولئك المتعصبين، والذي جاء في ثلاثة محاور وهي:
أولاً: لقد أوضح الرازي أن المخالفين للإمام في عصره إنما كانوا يجادلونه ويريدون أن ينالوا منه حسدا، ومع ذلك فلم يطعنوا في نسبه من قريش ولم يشتهر عنهم ذلك صراحة.
ثانياً: ما أوردته الروايات، أن الشافعي لم يتنكر لنسبه في أحلك ظروفه، وهم يقصدون في محنته أمام هارون الرشيد عندما أُدخل إليه مكبلاً، وقد اتهم مع التسعة الذين خرجوا على الخلافة. فلو كان من الموالي ما ادّعى أنه ابن عم الخليفة. أما مفاد هذه المحنة:
كان الشافعي قد نال من العلم قدراً عظيماً، لكنه كان فقيراً، وقد أحس في بداية شبابه برغبة في العمل ليكسب قوته حتى لا يكون عالة على أحد. وصادفت هذه الرغبة قدوم والي اليمن إلى الحجاز، فقدمه بعض القرشيين اليه، وطلبوا منه أن يوليه عملا، وإعجابا بعلم الشافعي وتقديرا له، وافق والي اليمن على مصاحبته، فرهن الشافعي دارا له وجهز نفسه للرحيل، وعندما وصل نجران تولى العمل فيها، وأظهر عدلا بين الناس، وحاول بعض القوم أن يخادعوه، لكنهم لم يفلحوا. وهذا واضح من قوله «وكان الوالي إذا أتاهم صانعوه فأرادوني على مثل ذلك فلم يجدوا عندي». وأثناء ذلك خرج تسعة من العلويين في اليمن على الخلافة، واتهم الشافعي بالخروج معهم، فأمر الخليفة هارون الرشيد أن يرسلوهم إليه، فلما بلغوه، أمر بضرب أعناقهم، ولما جاء دور الشافعي، قال: مهلاً يا أمير المؤمنين، فإنك الداعي وأنا المدعو، وأنت القادر على ما تريد مني ولست القادرعلى ما أريد منك، ثم قال: يا أمير المؤمنين ما تقول في رجلين، أحدهما يراني أخاه والآخر يراني عبده، أيهما أحب إليّ ؟ ! .