أنت هنا

قراءة كتاب الإمام الشافعي حياته وشعره

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإمام الشافعي حياته وشعره

الإمام الشافعي حياته وشعره

كتاب "الإمام الشافعي حياته وشعره"، يعتري المرء وهو يقرأ عن حياة الإمام الشافعي - رحمه الله - أو يبحث فيها، إحساس مفعم بزيادة المعرفة، لأنه يقف حائراً أمام تميز هذا الإمام الذي شغل حياته في خدمة الأدب والفقه، وحسبه ما تحدثت عنه الكتب ومؤلفات العلماء ورفوف ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
شخصيته
 
ولد محمد بن إدريس الشافعي في مدينة غزة، وتوفي أبوه بعد مولده بمدة قصيرة، فانتقلت به أمه إلى مكة، وجالس العلماء والمحدثين صغيراً، فاكتسب علما وأدبا، وحفظ القرآن صبيا، ثم عكف على حفظ حديث رسول الله ﷺ ، والتحق بمجلس الإمام مالك بن أنس مبكراً، ودرس الفقه على علماء ومشايخ عصره الكبار، واستمر في طلب العلم حتى أصبحت له مكانة مرموقة بين علماء عصره الذين أجمعوا بأنه لا يجارى ولا يبارى، وشغل الناس بعلمه وذكائه. فصار حجة عصره وبين أهل زمانه.
 
أحبه الناس من العامة والخاصة لحسن حديثه ولباقته، وكسب ثقتهم، وتعرض له البعض، إلا أنه كان باسم الثغر، واسع الصدر حليما، مشرق الوجه، متواضعا، عزيز النفس، خاضعا للحق، مصفحا عمن يسيء إليه، مبتعدا عن التعصب، ملتمسا العذر لمن يخالفه، فصيح اللسان بليغ العبارة مؤثراً في نفس غيره.
 
أثنى عليه مالك ولم يكن قد تكامل نموه، فقال له: يا ابن أخي تفقه تعل. وقال له أيضا: يا محمد اتق الله فسيكون لك شأن. وقال عبد الرحمن بن المهدي عنه وهو يقرأ رسالته: هذا كلام شاب مفهم. وحدث محمد بن الحكم فقال: ما عرفت كيف أرد على أحد، وبه عرفت ما عرفت، وهو الذي علمني القياس - رحمه الله -، فقد كان صاحب سنة وأثر وفضل وخيرة مع لسان فصيح، وعقل رصين.
 
وكان الإمام أحمد بن حنبل يقول: أن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة عام رجلاً يقيم لهم أمر دينهم، فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المئة، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المئة الأخرى.
 
واعلم أخي القارئ أن خصائص شخصية الشافعي كثيرة، والشهادات على ذلك وفيرة، وما سقت هذه الأمثلة إلا لأبين بعض صفات شخصيته من خلال أقوال علماء أجلاء ممن عاصروه وحضروا عصره.
 
تمتع الإمام بذاكرة قوية، وفتح الله عليه، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وقرأ الموطأ وهو ابن عشر، وروى الربيع بن سليمان: أن الشافعي كان يختم القرآن في رمضان ستين مرة، كل ذلك في صلاة. وطلب اللغة والشعر في بداية حياته. قال محمد بن الحكم: . . وكان أصحاب الأدب يعرضون عليه الشعر فيبين لهم معانيه، وورد أنه كان يحفظ عشرة آلاف بيت لهذيل وإعرابها ومعانيها، وكان من أعرف الناس بالتاريخ.
 
منحه الله هبات كثيرة، فكان سر فصاحته موهبة أعطاه الله إياها، وكان صاحب بديهة حاضرة وعقل منفتح، وحجة قوية مقنعة، وفكر نير عميق، يغوص في المعاني حتى يصل إلى الحقيقة، لا يكتفي بالجزئيات وإنما يبحث في الكليات بفكر ناقد وبصيرة ثاقبة، وكان واضح التعبير، قوي البيان، طويل النفس، في صوته نبرة مؤثرة أعجبت الإمام مالك حين قرأ الموطأ أمامه، ويروى أن ابن أبي الجارود كان يقول عنه: ما رأيت أحدا إلا وكتبه أكثر من مشاهدته إلا الشافعي، فإن لسانه أكثر من كتبه، وعُرف أيضا بشجو صوته، حتى روي عن معاصريه في بغداد قولهم: إذا أردنا أن نبكي قلنا قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي نقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى يتساقط الناس بين يديه ويكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة.
 
وكان - رحمه الله - نافذ البصيرة، قوي الفراسة، مما جعل الناس يلتفون حوله في مجلسه، يحدث سامعيه بمقدار ما يألفون وما يطيقون، وكان صافي النفس، صائب النظر، صادق التعبير عن المعاني مخلصا في آدائه، متفانيا في علمه، يطلب العلم لله أمينا وشجاعاً غير عابئ بالمتقولين، وهو المنشد:
 
إذا نحن فضلنا عليا فإننا
 
روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل
 
وفضل أبي بكر إذا ما ذكرته
 
رميت بنصب عند ذكري للفضل
 
فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما
 
أُدين به حتى أُوسد في القبر

الصفحات