أنت هنا

قراءة كتاب الإمام الشافعي حياته وشعره

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإمام الشافعي حياته وشعره

الإمام الشافعي حياته وشعره

كتاب "الإمام الشافعي حياته وشعره"، يعتري المرء وهو يقرأ عن حياة الإمام الشافعي - رحمه الله - أو يبحث فيها، إحساس مفعم بزيادة المعرفة، لأنه يقف حائراً أمام تميز هذا الإمام الذي شغل حياته في خدمة الأدب والفقه، وحسبه ما تحدثت عنه الكتب ومؤلفات العلماء ورفوف ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10
ومعروف أن الشافعي كان مخلصا لأستاذه الإمام مالك، لكن إخلاصه لم يمنعه من مخالفته في بعض الأمور، كما أنه لم يمنعه حبه لمحمد بن الحسن أن يناظره، وكان حظه من المناظرات كما يقول: والله ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة. وقد وضح أحمد تمام في كتابه (الشافعي ملامح وآثار) عن كيفية ظهو رشخصيته ومنهجه في الفقه الذي جاء مزيجا من فقه الحجاز وفقه العراق، واستطاع أن يفعل ذلك وسط الجدل الذي كان بين مدرسة الحجاز ومدرسة العراق، حين أخذ موقفا وسطيا بينهما بما تيسر له من الجمع بين المدرستين.
 
وكان - رحمه الله - من أكثر الناس سخاء بما يجد عنده. فقد قال محمد بن عبدالله المصري، كما ورد عن عمرو بن سواد السرجي قوله: ... كان الشافعي أسخى الناس عن الدنيا والدرهم والطعام. وورد عن صفاته أيضا أنه كان شديد الخجل، فإذا سأله أحد احمرّ وجهه خجلاً من السائل ثم بادر بإعطائه، وكان يوزع ما يُهدى إليه قبل أن يغادر باب من أهدى إليه. ومما ورد من أقواله:
 
. ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ، وما في قلبي من علم إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب لي.
 
. كل ما قلت لكم فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتراه حقاً فلا تقبلوه فإن العقل مضطر إلى قبول الحق.
 
. ما أورد أحد الحق والحجة إلا هبته، واعتقدت مودته ولو كابرني على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني.
 
. أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يُرجى ويخاف.
 
. والله ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة طرحتها، لأن الشبع يثقل البدن ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف صاحبه عند العبادة.
 
هذا وقد كان للحياة في بادية هذيل أثرها الواضح في تكوين شخصيته من خلال لغته وبيانه وشعره الذي جاء خلاصة تجربته، والتي عبرت عن دقة ملاحظته وحسن تعبيره.
 
ومن صفاته الشخصية والنفسية أيضاً، أنه كان حسن الهيئة، طويل القامة والعنق، أسمر البشرة، حسن الصوت، شديد البكاء في قراءة القرآن، مقتصداً في ثيابه، يتختم بخاتم في إصبع يده اليسرى مكتوب عليه (كفى بالله ثقة لمحمد بن إدريس). وكان عنده معرفة بالطب، ماهراً في الرمي، حاضر البديهة عميق الفكرة، واسع العقل، موفور البيان، فصيح اللسان، وطيد الإيمان، بارعا في الخطابة، بعيدا عن الشهرة والإعجاب بالذات، وهو القائل: «ما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ، وما في قلبي من علم إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب لي». وكان - رحمه الله - لا يتحرج عن الرجوع في رأي، ولا يتأثر بقرابة أو صداقة في قول الحق. وكان كثير العبادة والتهجد، وقد روى الذهبي في السير عن الربيع بن سلمان قوله: كان الشافعي قد جزأ الليل، فثلثه الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام.
 
هذا وقد أسلفنا في موضع سابق من سيرته أنه عاش فقيراً، لكنه ترفع عن سفاسف الدنيا، فلم ينل الفقر منه، ولا تطامن عن ضعة، سعى إلى العلم بهمة وجلد، رفض هدية الوزير، وفرق أعطية الخليفة قبل أن يغادر بابه، وهذا ليس غريبا أو عجيبا على من كانت هذه بعض صفات شخصيته، وما توافر عليه من عفة وعزة نفس، وما كان يُؤثر به غيره على نفسه.

الصفحات