كتاب "الإمام الشافعي حياته وشعره"، يعتري المرء وهو يقرأ عن حياة الإمام الشافعي - رحمه الله - أو يبحث فيها، إحساس مفعم بزيادة المعرفة، لأنه يقف حائراً أمام تميز هذا الإمام الذي شغل حياته في خدمة الأدب والفقه، وحسبه ما تحدثت عنه الكتب ومؤلفات العلماء ورفوف ال
أنت هنا
قراءة كتاب الإمام الشافعي حياته وشعره
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
وسألاني عن رجل حرمت عليه امرأته سنة من غير حنث أو طلاق أو عدة. الجواب: هذا الرجل وامرأته كانا محرمين فلم يدركا الحجّ، فلم تزل امرأته تحرم عليه إلى العام القابل، فإذا فرغت من الحجّ في العام المقبل حلّت لزوجها.
وسألا عن امرأتين لقيتا غلامين فقالتا: مرحباً بابنينا وابنيْ زوجينا وهما زوجانا ! الجواب: إن للمرأتين ابنين، وكل ّواحدة منهما مزوجة بابن صاحبتها، فكان الغلامان ابنيهما وابني زوجيهما وهما زوجاهما.
وسألا عن رجلين شربا الخمر فوجب الحدّ على أحدهما دون الآخر. الجواب: كان أحدهما غير موصوف بأوصاف وجوب الحدّ كالعقل والبلوغ.
وسألا عن مسلمين سجدا لغير الله وهما مطيعان في هذه السجدة. الجواب: هذه سجدة الملائكة لآدم .
وسألا عن امرأة ادّعت البكارة وزوجها يدّعي أنه أصابها فكيف السبيل إلى تحقيق هذا الأمر؟ الجواب: تؤمر القابلة بأن تحملها بيضة فإن غابت البيضة كذبت المرأة وإن لم تغب صدقت.
وسألا عن رجل سلّم إلى زوجته كيساً وقال لها: أنت طالق إن فتحته أو فتقته أو خرقته أو حرقته! وأنت طالق إن لم تفرغيه! الجواب: يكون في الكيس سكر أو ملح أو ما شابههما فيوضع في الماء الحارّ ليذوب ويفرغ الكيس.
وسألا عن امرأة قبّلت غلاماً وقالت: فديت من أمّه ولدت أمَّه وأنا امرأة أبيه. الجواب: إنّها أمّه.
وسألا عن خمسة نفر زنوا بامرأة: فعلى أحدهم القتل، وعلى الثاني الرجم، وعلى الثالث الحدّ، وعلى الرابع نصف الحدّ، وعلى الخامس لا يجب شيء. الجواب: الأول مشرك زنا بامرأة مسلمة يجب قتله، والثاني محصن فعليه الرجم، والثالث بكر فعليه الحدّ، والرابع مملوك عليه نصف الحدّ، والخامس مجنون لا شيء عليه.
وسألا عن امرأة قهرت مملوكاً على وطئها وهو كاره لوطئها، فما يجب عليهما؟ الجواب: إن كان المملوك يخشى أن تقتله أو تضربه أو تحبسه فلا شيء عليه، وإلاّ فعليه نصف الحدّ. وأمّا مولاته إن كانت محصنة فعليها الرجم وإلاّ فالحدّ ويباع المملوك عليها.
وسألا عن رجل يصلّي بقوم، فسلّم عن يمينه طلقت امرأته، وعن يساره بطلت صلاته، ونظر إلى السماء فوجب عليه ألف درهم. الجواب: لما سلّم عن يمينه رأى رجلاً كان زوج امرأته وكان غائباً، فثبت عند القاضي موته فتزوجه بامرأته هذا المصلي، فرآه وقد قدم من سفره فحرمت عليه زوجته. ثم سلّم عن شماله. فرأى على ثوبه دماً فلزم عليه إعادة الصلاة، ونظر إلى السماء فرأى الهلال، فحلّ عليه الدَّيْن المؤجل إلى رأس الشهر.
وسألا عن رجل ضرب رأس رجل بعصاً وادّعى المضروب ذهاب إحدى عينيه وتجفيف الخياشيم والخرس من تلك الضربة، فيومئ بذلك كلّه إيماء أو يكتب كتابه. الجواب: يقام في مقابل الشمس، فإن لم يطرق رأسه فهو صادق، ويشم الحراق، فإن لم ينفعل فهو صادق، ويغرز لسانه، فإن خرج منه دم فهو صادق.
وسألا عن إمام يصلّي بقوم وكان وراءه أربعة نفر، فدخل المسجد رجل فصلّى عن يمين الإمام، فلمّا سلّم الإمام عن يمينه رآه الرجل الداخل، فله قتل الإمام وأخذ امرأته وجلد الجماعة وهدم المسجد. الجواب: أن الداخل أمير تلك البقعة، وسافر وخلّف أخاً مقامه في البلد فقتله المصلّي، وشهد الجماعة أن زوجة الأمير في نكاح القاتل وأخذ دار الأمير غصباً جعلها مسجداً، فلمّا سلّم رآه الأمير فعرفه فله قتله وأخذ منكوحته منه، وجلد الذين شهدوا زوراً، وردّ المسجد داراّ كما كانت.
فقال الرشيد: لله درّك يا ابن إدريس ما أفطنك ! وأمر له بألف دينار وخلعة، فخرج الشافعي من مجلس الخليفة يفرّق الدنانير في الطريق قبضة قبضة، فلمّا انتهى إلى منزله لم يبقَ معه إلاّ قبضة واحدة أعطاها لغلامه.
وبعد هذه المحنة، عاد الشافعي إلى تدريس العلم والتذكير به، ويُخرج للناس أثراً خالداً ما زال الناس ينعمون به حتى زماننا، هذا ومستمراً إلى ما يشاء الله. ثم اجتمع إليه في بغداد فقه الحجاز وفقه العراق، وقد أخبرنا ابن حجر عن ذلك فقال: «... انتهت رياسة الفقه بالمدينة إلى مالك بن أنس، فرحل إليه ولازمه وأخذ عنه، وانتهت رئاسة الفقه بالعراق إلى أبي حنيفة، فأخذ عن صاحبه محمد بن الحسن حملاً ليس فيه شيء إلا وقد سمعه عليه، واجتمع له علم أهل الرأي، وعلم أهل الحديث، فتصرف في ذلك حتى أصّل الأصول وقعد القواعد، وأذعن له الموافق والمخالف، واشتهر أمره، وعلا ذكره، وارتفع قدره حتى صار منه ما صار».
بقي الشافعي مدة في العراق مكرماً، وقد احتل مكانة مرموقة في ضيافة محمد ابن الحسن الذي أكرم نزله، حتى أنه كان يفضل مجلسه على مجلس السلطان، وقد أخذ الشافعي عنه علماً كثيراً، كما اطلع على كتب فقهاء العراق، وكانت له مناظرات مع مضيفه، ومنها مناظرته المشهورة في مسألة الشاهد واليمين، ومفادها: أن الحنفية كانت ترى أن البينة على من ادّعى واليمين على من أنكر، وعلى ذلك فلا يمين على المدّعي، فإن كان معه بينة مقبولة قضي بها، وإلا يُحلّف المدّعى عليه، فإن حلف قضي له قضاء ترك، وإن نكل قُضي للمدعي، ولا يمين على المدّعي في أيّة حال. أما المالكية والشافعية فيقولون أنه إذا لم يكن مع المدّعي إلا شاهد واحد قضي له إذا حلف، ويكون حلفه في مقام الشاهد الثاني، وذلك يجوز في الأموال فقط، وأما في غير الأموال فلا توجبه فيها اليمين للمدعي اقتصاراً على مورد النص(8).