أنت هنا

قراءة كتاب الإمام الشافعي حياته وشعره

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإمام الشافعي حياته وشعره

الإمام الشافعي حياته وشعره

كتاب "الإمام الشافعي حياته وشعره"، يعتري المرء وهو يقرأ عن حياة الإمام الشافعي - رحمه الله - أو يبحث فيها، إحساس مفعم بزيادة المعرفة، لأنه يقف حائراً أمام تميز هذا الإمام الذي شغل حياته في خدمة الأدب والفقه، وحسبه ما تحدثت عنه الكتب ومؤلفات العلماء ورفوف ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
في هذه الرحلة بدأ اتجاه الشافعي إلى الفقه على يدي الإمام مالك، حيث قرأ الموطأ على مالك، وكان كلما أراد أن يقطع القراءة أمامه يطلب مالك منه أن يزيد حتى قرأ الموطأ كاملاً في أيام قليلة. ثم لزمه يتفقه عليه ويدارسه المسائل حتى توفي الإمام مالك، وكان الشافعي في قوة شبابه وشدة حماسه. وهكذا تمكن بجده واجتهاده وفي فترة قصيرة أن يجمع بين الفقه من مسلم والحديث من مالك.
 
وأثناء ذلك كان - رحمه الله - يزور أمه بين حين وآخر في مكة، يستنصح بنصائحها التي كانت تزوده بها، ويستفيد من علم الآخرين ويتعرف على أحوال الناس وأخبارهم حتى نال شطراً كبيراً من العلم والخبرة، والتزود بأصول الفقه عن شيخه. فلما مات الإمام مالك - رحمه الله -، اتجه الشافعي إلى العمل ليعيل نفسه ويكمل مشواره في طلب العلم، ويدفع الحاجة والفقر عن نفسه، وصادف ذلك قدوم والي اليمن إلى مكة، فارتحل معه إلى اليمن بعد أن لمعت مواهبه، وذاع صيته، فولي عملاً للقاضي مصعب بن عبد الله القرشي في نجران، فذاع ذكره، واشتهرت سيرته وعدله بين الناس بعيدا عن مصانعة الولاة وممالقتهم، وفي هذا الجانب يقول: «وُلِّيت نجران وبها بنو الحارث بن عبد المدان وموالي ثقيف، وكان الوالي إذا أتاهم صانعوه، فأرادوني على نحو ذلك فلم يجدوا عندي».
 
وهناك في نجران، اتهم بالعلوية حين كاد له الوالي بسبب نقد الشافعي له وسلقه بلسانه، فحمل إلى الرشيد وكانت محنته، وكما سبق الحديث عن ذلك فقد استطاع النجاة من هذا الاختبار الصعب بقوة حجته، وشهادة محمد بن الحسن، وثبتت براءته، وأمر الرشيد بإطلاق سراحه ووصله بالهبات والعطايا، التي فرقها الشافعي قبل الخروج من قصر الخليفة، وذلك عام 184هـ والشافعي في الرابعة والثلاثين من عمره. وقد أورد القزويني في كتابه «آثار البلاد وأخبار العباد»(7) هذه الحادثة فقال: «وحكي أن عامل اليمن كتب إلى الرشيد: إن ههنا شاباً قرشياً يميل إلى العلوية ويتعصب، فكتب الرشيد إليه: ابعثه إلي تحت الاستظهار. فحمل إلى الرشيد. حدث الفضل بن الربيع وقال: أمرني الرشيد بإحضار الشافعي، وكان غضبان عليه فأحضرته فدخل عليه وهو يقرأ شيئاً. فلما رآه أكرمه وأمر له بعشرة آلاف درهم، فدخل خائفاً وخرج آمناً. فقلت: يا أبا عبد الله أخبرني بما كنت تقرأ عند دخولك؟ فقال: إنها كلمات حدثني بها أنس بن مالك عن نافع عن عبدا لله بن عمر عن رسول الله ﷺ أنه قرأها يوم الأحزاب، فقلت: أذكرها لي. فقال: «اللهم إني أعوذ بنور قدسك وعظمة طهارتك وبركة جلالك من كل آفة وعاهة وطارق الجن والإنس إلا طارقاً يطرق بخير ! اللهم أنت عياذي فبك أعوذ، وأنت ملاذي فبك ألوذ ! يا من ذلت له رقاب الجبابرة وخضعت له مقاليد الفراعنة، أعوذ بجلال وجهك وكرم جلالك من خزيك وكشف سترك، ونسيان ذكرك والإضراب عن شكرك ! إلهي أنا في كنفك في ليلي ونهاري ونومي وقراري وظعني وأسفاري، ذكرك شعاري وثناؤك دثاري ! لا إله إلا أنت تنزيهاً لأسمائك وتكريماً لسبحات وجهك الكريم! أجرنا يا ربنا من خزيك ومن شر عقابك، وأضرب علينا سرادقات فضلك وقناسيات عذابك، وأعنا بخير منك، وأدخلنا في حفظ عنايتك يا أرحم الراحمين!».
 
وقد جربت هذه الكلمات لا يقولها خائف إلا أمنه الله تعالى، وكان الرشيد يقربه ويكرمه لما عرف فضله وغزارة علمه.
 
وكان القاضي أبو يوسف ومحمد بن حسن رتبا عشرين مسألة وبعثاها على يد حدث من أصحابهما فقال الشافعي له: من حملك على هذا؟ فقال: من أراد حكمها. فقال: متعنّت أم متعلّم؟ فسكت الغلام، فقال الشافعي: هذا من تعنّت أبي يوسف ومحمد! ثم نظر فيها وحفظها وردّ الدرج إلى الحدث، فأخبر الخليفة بذلك فأحضر أبا يوسف ومحمداً وسألهما عن حال الدرج فاعترفا به، فأحضر الشافعي وقال: بيّن أحكامهما ولك الفضل. فقال: يا أمير المؤمنين قل لهما يسألان عن واحدة واحدة ويسمعان جوابها بتوفيق الله. فعجزا عن استحضارها، فقال الشافعي: أنا أكفيهما. سألاني عن رجل أبقى له عبد فقال: هو حرّ أن طعمت طعاماً حتى أجده، كيف الخلاص من ذلك؟ الجواب: يهبه لبعض أولاده ويطعم حتى لا يعتق.
 
وسألاني عن رجلين كان فوق سطح فوقع أحدهما من السطح ومات فحرمت على الآخر امرأته. الجواب: أن امرأة الحيّ كانت أمة للميت، وكان الزوج بعض ورثته، فصارت الأمة ملكاً للزوج بحقّ الإرث فحرمت عليه.
 
وسألاني عن رجلين خطبا امرأة في حالة واحدة وأنها لم تحلّ لأحدهما وحلّت للآخر. الجواب: لأحد الرجلين أربع وهي خامسة فلا تحلّله، والآخر ما كان كذلك فحلّت له.
 
وسألاني عن رجل ذبح شاة في منزله وخرج لحاجة ورجع، قال لأهله: كُلُوا فإنها حرمت علي، فقال له أهله: ونحن أيضاً قد حرمت علينا. الجواب: كان الرجل مجوسياً أو وثنيّاً، فذبح شاة وخرج لحاجة وأسلم وأهله أيضاً أسلموا، فقال لأهله: كلوا فإني أسلمت لا تحلّ لي ذبيحة المجوس ! فقال له أهله: نحن أيضاً قد أسلمنا وحرمت علينا أيضاً.
 
وسألاني عن امرأة تزوجت في شهر واحد ثلاثة أزواج، كل ذلك حلال غير حرام. الجواب: إن هذه المرأة طلقها زوجها وهي حامل فوضعت. انقضت عدتها بالوضع فتزوجّت، ثم أن هذا الزوج خالعها قبل الدخول فلا عدة عليها، فتزوج بها آخر وهكذا إن أردت رابعاً وخامساً وسادساً.

الصفحات