أنت هنا

قراءة كتاب سراب في كأس التفاؤل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سراب في كأس التفاؤل

سراب في كأس التفاؤل

ككاتبٍ ومؤلِّفٍ حديثٍ في مجالِ الكتابةِ باللغةِ العربيّةِ عانيتُ الأمرّيْنِ على مدى أكثرَ من نصفِ عقدٍ من السّنينِ. لا يزالُ هذا الأمرُ يسيراً!

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 5
• في السياقِ ذاتهِ المذكورِ في البندِ السابقِ أو الأخيرِ على المؤلِّفِ أو الكاتبِ الذي يعاني الأمرّينِ في إبداعهِ أنْ لا يفاجأَ عندَما يرى صورةً لناشرٍ فيها يطلُّ على البشرِ بملابسِ النومِ من خلالِ إحدى النوافذِ أو الشرفاتِ من شبهِ قصرٍ أو "فيللا" كبيرةٍ يأوي إليها. غالباً ما يحتسي الناشرُ فنجانَ قهوةٍ أو قدَحاً من الشايِ أو الشوكولاته الساخنةِ من يدِ خادمةٍ لديهِ أو حتى من يدِ زوجتهِ مذكّراً بعهودِ البرجوازيةِ الكلاسيكيةِ القديمةِ البائدةِ. على الكاتبِ صاحبِ الأمعاءِ الخاليةِ والخاويةِ أنْ لا يُفاجأَ حينَ يعلمُ أنَّ لدى أولادِ الناشرِ وبناتهِ أسطولاً أو رتلاً معتبَراً من سياراتِ المرسيدسِ واللاند-كروزرِ والبي إم دبليو تنطلقُ من مرآبِ سياراتهِ الكبيرِ الخاصِّ. تقومُ على العنايةِ برتلِ السياراتِ أعلاهُ مجموعةٌ من الخدمِ والحشمِ وملحقاتِ هذا وذاكَ. هذا في الوقتِ الذي لا ينفكُّ الناشرُ يندبُ حظَّهُ مع الكتّابِ والقرّاءِ والسوقِ الضعيفِ والمسئولينَ الذينَ لم يقدّروهُ حقَّ قدرهِ؛ حتى لو كانَ ذلكَ الناشرُ للتوِّ حاصلاً على جائزةِ ترضيةٍ أو مكافأةٍ تشجيعيّةٍ سخيّةٍ من أحدِ المسئولينَ الباحثينَ عن الأضواءِ الرخيصةِ المسلّطةِ عليهِ أثناءَ تسليمهِ لتلكَ الجائزةِ.
 
• بسببِ طبيعةِ المجتمعِ العربيِّ المحافظةِ وذاتِ العقليةِ التي تميلُ إلى التقوقعِ القبليِّ والحزبيِّ والاجتماعيِّ وتكوينِ المافياتِ والعصاباتِ ومراكزِ القوى النفعيّةِ المصلحيّةِ الضيّقةِ فإنَّ كثيراً من دورِ النشرِ واتحاداتِ الكتّابِ والأدباءِ العربيةِ أصبحتْ مثل شركاتٍ محدودةٍ تخصُّ فئةً معينّةً من البشرِ. أصبحتْ تلكَ المؤسساتُ محدودةً بعددِ أفرادِها والصبغةِ التي تسيطرُ عليها وطبيعةِ وعددِ الكاتبينَ والمؤلِّفينَ الذينَ يمكنُ قبولُهم فيها. هنالكَ الكثيرةُ من دورِ النشرِ العربيةِ من باتتْ رهينةً مرهونةً بأيدي حفنةٍ من المنتفعينَ بها ويأتيهم رزقُهم عن طريقِ مؤسّسةٍ ملتزمةٍ أو شخصيةٍ سياسيةٍ أو إداريةٍ أو ماليةٍ أو اجتماعيةٍ أو قبليةٍ مرموقةٍ. شأنُ هؤلاءِ في ذلك شأنُ عبدٍ، أو قابلٍ للاستعبادِ، أو مستجيرٍ دخلَ بيتَ سيدٍ حرٍّ كبيرٍ كريمٍ فهو أيْ الدّاخلُ المستجيرُ يشعرُ بالأمنِ الماليِّ والغذائيِّ والوظيفيِّ والمعنويِّ والنفسيِّ طالَما بقيَ في كنفِ تلكَ الشخصيةِ الحرةِ المرموقةِ الكريمةِ. على مثلِ تلكَ المؤسّساتِ تمكنُ قراءةُ الفاتحةِ أو يجوزُ إسداءُ السلامِ النهائيِّ الأخيرِ.
 
• في العالَمِ العربيِّ الآنَ وربّما بدأتْ منذُ وقتٍ لا بأسَ بقِدَمهِ هنالكَ دورُ النّشرِ المسيَّسةُ أو الملتزمةُ باتجاهاتٍ فكرولوجيّةٍ وسياسيّةٍ معيّنةٍ. الالتزامُ هنا يميلُ إلى أو يعتمدُ على الدينِ والطائفةِ والمذهبِ والعرقِ والشوفينيّةِ (التعصّبُ الإقليميُّ الوطنيُّ) وبدرجةٍ أقلَّ القبليّةِ!. على الكاتبِ المغفّلِ أو الغافلِ أو المستغفَلِ أنْ لا يفاجأَ بدارِ نشرٍ تعاملُهُ بشكلٍ يثيرُ الشّعورَ بالغرابةِ والاستغرابِ دونَ أسبابٍ أو حتّى مبرّراتٍ وجيهةٍ واضحةٍ. على ذلكَ الكاتبِ أنْ لا يُفاجأَ برائحةِ "سمكةٍ عفنةٍ!" تطلُّ عليهِ من جوانبِ وزوايا بعضِ دورِ النّشرِ القديمةِ والحديثةِ هذهِ. هنالكَ دافعٌ أو حافزٌ غيرُ مُعلَنٍ في نفوسِ مالكي وأصحابِ دورِ النّشرِ والأطقمِ العاملةِ الملحقَةِ بهم. لا غرابةَ في سكرتيرِ أو سكرتيرةِ دارِ نشرٍ أو مبيعاتٍ إذا ما تصرّفا بشكلٍ لا يليقُ بالأدبِ الاجتماعيِّ الرفيعِ والذّوقِ الشخصيِّ العالي. أغلبُ الظنِّ أنَّ هؤلاءِ يريدونَ إخبارَ الكاتبِ بالاختفاءِ عن ناظرِ دارِ النّشرِ أو كما يقولُ التعبيرُ العامّيُّ البائسُ "يريدونَ أنْ يحلئولو (يحلقوا لهُ) على النّاشفِ".

الصفحات