رواية "مدائن الأرجوان" للكاتب السوري نبيل سليمان، الصادرة عن دار الحوار للنشر والتوزيع عام 2013، نقرأ من أجوائها:
في الشرفة لبث واصف عمران يتفرج بحياد على باص الحضانة وهو يبتعد بثريا: أليست ابنتك أيها الوغد؟
أنت هنا
قراءة كتاب مدائن الأرجوان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
مدائن الأرجوان
الصفحة رقم: 7
ـ 1 ـ
كان على الصوت المشؤوم أن يخرس حتى أصدق أذنيّ وأتسمّر خلف النافذة الوحيدة في غرفة المدرسين والمدرسات.
في الخارج كانت أقدام الطالبات تتدافر وتتسابق نحو البوابة. وخُيِّل لي أن عراكاً نشب ثمة، فاستدرت، وإذا بالغرفة قد خلت، فجررت قدميّ إلى الممر الذي كان يضيق بذعر الطالبات.
بعد خطوات توقفت وقد عاد الصوت المشؤوم يتفجر بقتيل على الأقل، وبما لا يمكن عدّه من الجرحى، في مدخل المدينة من جهة جبلة، مرة، ومرة على الكورنيش، ومرة في رأسي الذي تركني لبلاهتي، وصدّق أن الأستاذ واصف عمران بين الضحايا!
هل كنت وحدي من سمع نعيق البومة؟!
على الصمت الذي غلّنا فجأة، مثل الرعب، صحوت، وإذا بنا نتكوم خلف البوابة الموصدة: المديرة الست جميلة تتصدر لمّة من الطالبات، إلى اليمين لمّة أصغر تنبق فيها رؤوس عدد من الزميلات والزملاء، إلى اليسار أمينة المخبر وأنا والبواب الذي تمتم حاسداً من سبقونا في الخروج. ومثل لحنٍ مرتبك أخذت أصداء الرصاص تتموج وتتصاعد وتتقطع، كأنها تلوّح لنا من بعيد.
تلفتت أعناقنا متوسلة مثل همهماتنا وخرسنا، وراعني أنْ خُيِّل لي أنّ العيون تتعلق بي. وما كادت الهدأة تعود حتى تعالى الخبط على البوابة الحديدية، فتدافعت الطالبات، واختفت الست جميلة وأمينة المخبر وزميل أو زميلة على الأقل، وحشرج البواب بالسؤال عمّن يكون الطارق، ودوّت الصيحات خارج البوابة:
ـ افتح يا حمار.
فحشرجتُ بالأمر وأنا أدفع البواب:
ـ يا أخي افتحْ وخلّصنا.
وفجأة وجدت نفسي وحيداً وسط الشارع العريض، تماماً مثلما وجدت نفسي وحيداً على رصيفه الضيق هذا الصباح.