أنت هنا

قراءة كتاب الصورة والآخر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصورة والآخر

الصورة والآخر

كتاب "الصورة والآخر"، صارت موضوعة الجسد هوْسا أدبيا يتردد هنا هناك ويتحول في غالب الأحيان إلى موضوعة أدبية محضة؛ والحال أن التطرق لموضوعات من قبيل الجسد والصورة والمتخيل تتطلب في حدود دنيا تقاطعا معرفيا بين مجموعة من العلوم والمعارف لعل أقلها الفلسفة والتحل

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
الذكورة والأنوثة في الثقافة العربية الإسلامية
 
الأصول والحداثة
 
لم تعرف الثقافة العربية أبدا مفهوما مقابلا تمام المقابلة لما يعرف في الإنجليزية بـ: gender للدلالة على الأنثوي والذكوري والعلاقات بينهما؛ فالذكورة والأنوثة مصطلحان مرتبطان بالخلق أكثر من ارتباطهما بالخليقة. وارتباطهما بالخليقة، أي بالتكوين الفيزيولوجي الإنساني، محْدث وعارض ومتصل بالوجود الإنساني لا بالوجود عموما. من ثم، غالبا ما يُستعمل مفهوم الذكورة والأنوثة في الأمور الشرعية المتصلة بالنكاح أو الإرث أو ما شابهها، باعتبار العموم، أي بغض النظر عن السن؛ أما في مجال التواصل الاجتماعي، فإن الحديث عادة ما يتم عن الرجل والمرأة، باعتبار تعيينها للجنس الإنساني. وفي هذا السياق، ربما كان ارتباط المصطلح بالخلق أكثر أصلية منه في الأمور العبادية والاعتقادية. جاء في القرآن الكريم: "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (سورة الحجرات، الآية 11). ويتبدى طابع العموم هنا واضحا من حيث إنه يحيل إلى التوزيع البشري الأصلي الذي ينبني عليه الاجتماعي كعلاقات تبدأ بالعلاقة الأصلية بين الذكر بالأنثى، لتتفرع عنها التنظيمات الاجتماعية الأخرى.
 
مع ذلك لا يعني هذا أبدا أن الثقافة العربية الإسلامية خلوٌّ من هذا المفهوم. إنها بالأحرى تصوغه وفقا لأولوياتها ومقاصدها الدينية والعبادية، وتدمجه في السيرورة الإيمانية والاجتماعية للمسلم. كما أن الصيغ التي اتخذها في المجتمع العربي الحديث، منذ بدايات القرن العشرين، تأخذ صبغة اجتماعية اتصلت في أغلب الأحوال بعمل المرأة خارج البيت وتقلُّدها لمختلف الوظائف التي ظلت حكرا على الرجل. غير أن هذه الوظائف الجديدة المتصلة بالذكورة والأنوثة كمفهوم اجتماعي كانت ومازالت تفترض مراجعة مجموعة من التقاليد النصية والفقهية بالكثير من الاجتهاد، وبالنظر بالأساس إلى التطورات التي عرفتها المجتمعات العربية، والظواهر الاجتماعية الجديدة التي حتّمت ليس فقط تكييف أحكام النساء، خاصة منها المتعلقة بالجسد والتواصل مع الآخرين، مع المعطيات الجديدة والوظائف الجديدة للمرأة في المجتمع الحديث، وإنما وأيضاً إيجاد الأجوبة الملائمة للدينامية التي بدأت تعرفها المجتمعات العربية، خاصة مع انخراط النساء في العمل السياسي والثقافي والديبلوماسي، ولو بشكل وئيد ومتثاقل.

الصفحات