أنت هنا

قراءة كتاب الصورة والآخر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصورة والآخر

الصورة والآخر

كتاب "الصورة والآخر"، صارت موضوعة الجسد هوْسا أدبيا يتردد هنا هناك ويتحول في غالب الأحيان إلى موضوعة أدبية محضة؛ والحال أن التطرق لموضوعات من قبيل الجسد والصورة والمتخيل تتطلب في حدود دنيا تقاطعا معرفيا بين مجموعة من العلوم والمعارف لعل أقلها الفلسفة والتحل

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
بيد أن هذا التقسيم الفضائي لا يحد من حرية المرأة إلا باعتبارها جسدا مثيرا للشهوة. وهو ينبني على اعتبار الأنثى عورة(12) أي جسما محظورا على نظر الآخر ومثيرا للشهوة والفتنة. المرأة كيان يلزم حجب طابعه الشهواني، وكل عنصر جسماني من كيانها مصدر لا ينضب لشهوة الرجل. وبهذا الصدد، تشبّه المرأة بالشيطان في كونها مصدر الرغبة. فقد جاء في سنن النسائي أن الرسول خرج فبصُر بامرأة، فرجع فدخل إلى زينب، فقضى حاجته، ثم خرج على أصحابه، فقال: "إن المرأة تُقْبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فمن أبصر منكم من ذلك من شيء، فليأت أهله، فإن ذلك له وِجاء"(13). لذا يتم تخصيص جانب من المساجد خاص لصلاة المرأة؛ بل إن صوت المرأة نفسه يخضع للتقنين. ويطالب الفقهاء المرأة بالحديث إلى الآخرين بصوت خال من كل نبرة أنثوية وذي طابع جدي. كما تختص الإمامة في الإسلام بالرجل بالرغم من الاختلافات الفقهية التي أثيرت حول هذه القضايا. يقول ابن رشد في شرح هذه الاختلافات: "اختلفوا في إمامة المرأة، فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال. واختلفوا في إمامتها النساء، فأجاز ذلك الشافعي، ومنع ذلك مالك، وشذ أبو ثور والطبري فأجازا إمامتها على الإطلاق. وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال لأنه لو كان جائزا لنقل ذلك عن الصدر الأول، ولأنه لما كانت سنّته في الصلاة التأخير عن الرجال، عُلم أنه ليس يجوز لهن التقدم عليهم لقوله عليه السلام: أخّروهن من حيث أخرهن الله. ولذلك أجاز بعضهم إمامتها النساء إذا كن متساويات في المرتبة في الصلاة..." (14). إن هذه الاختلافات، بالرغم من أنها لا تؤثر على موقف الوحدة في التفكير الإسلامي تجاه المرأة، إلا أنها تُبين عن التعدد النظري الذي طال بنية التفكير الإسلامي في إحدى أعوص القضايا وأكثرها حساسية. بيد أن المرأة، كما سنرى، ستجد لها موطنا خصبا في التراث التصوفي. فما تم كبته وكبحه في القضايا العملية الفقهية قد وجد مرتعا آخر في الأدب والتصوف، مفصحا بذلك عن جدلية الخفاء والتجلي التي تمارسها الثقافات على مكوناتها الاجتماعية.
 
وإذا كان للمرأة بعض الحرية في الحركة خارج فضائها المحدود فإن هذه الحرية المشروطة ترتبط أوثق ارتباط بمظهرها الحجابي من جهة وبقدرتها على تمثل عنصر الغياب. إن المطلوب منها هو ألا تثير الانتباه إلى أنوثتها وجمالها وألا تقوم بما من شأنه خلخلة الفضاء الذكوري العام أو أن تكون مصحوبة بأي شخص كفيل بحمايتها من نفسها ورغباتها. بهذا المعنى، وبالرغم من اعتراف المجتمع العربي الإسلامي للمرأة ببعض من استقلاليتها، إلا أنه يجعل الرجل واسطة علاقتها بالعالم الخارجي ووكيلا لها في المعاملات والعلاقات العامة، من بيع وشراء وغيره.

الصفحات