أنت هنا

قراءة كتاب الصورة والآخر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصورة والآخر

الصورة والآخر

كتاب "الصورة والآخر"، صارت موضوعة الجسد هوْسا أدبيا يتردد هنا هناك ويتحول في غالب الأحيان إلى موضوعة أدبية محضة؛ والحال أن التطرق لموضوعات من قبيل الجسد والصورة والمتخيل تتطلب في حدود دنيا تقاطعا معرفيا بين مجموعة من العلوم والمعارف لعل أقلها الفلسفة والتحل

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
الإسلام والجنس
 
ليس من قبيل الصدف أن يلح نبي الأمة ومن جاء بعده من صحابة وفقهاء على مبدأ الزواج باعتباره مبدأ شرعيا وواجبا اجتماعيا؛ فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة مقدسة، ولذة الجماع لذة مشروعة وإنسانية ومقدسة بدورها. من ثم فإن قداسة العلاقة الجنسية تأتي من كونها تعبيرا عن دورة الحياة والاستمرار الوجودي والتوازن الاجتماعي. إنها بشكل ما درْء للشهوات وللزنا، وتعبير أسمى عن العلاقة الذاتية بين الرجل والمرأة. ذلك أن الزواج سكنٌ في الآخر واستكانة إليه وإقامةٌ فيه من حيث هو شريك مفترض وحماية اجتماعية وذاتية. ومن غير الزواج تكثر المعاشرة الحرة ومخاطر الشهوات المباحة ومعها تغدو الرغبة الإنسانية خارج مدار المقدس.
 
الزواج بهذا المعنى استمرار للمقدس والأصل، واستعادة للزوج الأول الذي منه انحدرت الخليقة. وهو إلى جانب ذلك تقنين لحرية الشهوات والنزوات، ودرْء لكل عناصر الزيغ والضلال، وإدخال لمبدأ اللذة في العلاقة الاجتماعية. لذلك أحيط الزواج بالكثير من النواهي، وسعى الفقهاء باستمرار إلى حل معضلاته القديمة والجديدة، سواء المتعلق منها بالعلاقة الذاتية أو العلاقة الاجتماعية بين الزوجين. كما أن الإسلام النصي قد حدّد نموذجا معينا للمرأة الزوجة. فقد نهى الرسول عن الزواج بالزرقاء البدينة والطويلة الهزيلة والعجوز، أو القصيرة القبيحة، وذات الولد من غير الرجل، مفضلا المرأة الودود الولود(17). وهو الأمر الذي يخلق نموذجا تقريبيا للمرأة الزوجة، ويجعل من الزواج عملية متصلة بالنظام الاجتماعي لا بالاختيار الذاتي. بيد أن هذا النموذج الإسلامي الأصلي الذي يؤكد أولوية المرمى الاجتماعي في مؤسسة الزواج يخضع كما ذكرنا للقيم الكبرى للأمة الإسلامية آنذاك؛ الشيء الذي سوف يأخذ في ما بعد مناحي أخرى مع تطور الحضارة العربية الإسلامية واختلاط الأجناس في حضنها، وتطور الفنون والآداب والتأثيرات التي سوف تنجم عنها.
 
وإذا كان النموذج الجمالي مثلا في عصر الإسلام هو البدانة فإنه سوف يغدو في العصر الأموي والعباسي الاعتدال. وحين يتحدث الجاحظ عن المرأة المجدولة فإنه بذلك يؤكد على أن النموذج الجمالي هو في الآن نفسه النموذج الشهواني والجنسي(18).
 
وبما أن الزواج مؤسسة إسلامية رئيسة في الكيان الاجتماعي الإسلامي، فإنها قد حظيت لذلك بمجموعة من المحدِّدات التي تجعل من النكاح الشرعي والمجامعة علاقة واضحة المعالم، لا تختلط فيها الأجناس وتعمل خارج كل شذوذ أو استيهامات ممكنة. لقد دعا الرسول إلى عدم المجامعة البهيمية، وهو إن لم يركز على الحب والمحبة إلا أنه قد عبر مرارا وبطرق مختلفة عن حبه لعائشة(19). فالعلاقة الزوجية علاقة إنسانية بامتياز يلزم أن تتسم بالعشرة الطيبة (فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف، البقرة، آية 231). وعلاقة النكاح علاقة ودّ يلزم قبل أن تتم أن يكون بين طرفيها رسل هما القبلة والكلام. كما أن الرسول نهى عن التجرد الكامل من الثياب مشبها المجامعة بهذا الشكل مجامعة العير (الحمير). بل إنه تحدث أيضا عن الأوضاع الجنسية من مجامعة من الدبر في القبل محرما كل مجامعة من الدبر باعتبارها ممارسة تخرج المرأة عن أنوثتها وخصوبتها(20).

الصفحات