أنت هنا

قراءة كتاب الصورة والآخر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصورة والآخر

الصورة والآخر

كتاب "الصورة والآخر"، صارت موضوعة الجسد هوْسا أدبيا يتردد هنا هناك ويتحول في غالب الأحيان إلى موضوعة أدبية محضة؛ والحال أن التطرق لموضوعات من قبيل الجسد والصورة والمتخيل تتطلب في حدود دنيا تقاطعا معرفيا بين مجموعة من العلوم والمعارف لعل أقلها الفلسفة والتحل

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
بيد أن هذه الظواهر لم تكن تشكل خطرا يهدّد البنية الثنائية التقليدية للذكورة والأنوثة بقدر ما تمس فقط مظاهرها. وليس أيضا من قبيل الصدفة أن تكون المظاهر التزيينية قد تطورت في العصر العربي الكلاسيكي، بحيث تحدثنا المصادر القديمة عن تطور زينة الرجل وزينة المرأة في آن واحد، مما يؤكد انتقالها من الارتباط بالمقدس إلى التفاعل الاجتماعي والشخصي الحميمي.
 
أما في العصر الحديث، ومنذ ما كتبه قاسم أمين عن تحرير المرأة، ثم ظهور الكتابات النسوية الأولى ذات الطابع المنهجي خاصة مع نوال السعداوي، وفي ما بعد مع الجمعيات النسوية ذات المنحى التحريري، فإن قضية العلاقة بين الرجل والمرأة قد بدأت تأخذ أبعاد جديدة ومتحولة. فمن الطابع التحديثي المنادي بنوع من المساواة الاجتماعية إلى المناداة بالمساواة حتى في القضايا ذات المرجعية الفقهية (كما حدث في تونس وفي السنين الأخيرة بالمغرب)، مرورا بكل الكتابات التي شجبت القهر الذكوري التاريخي للمرأة العربية ونادت بديمقراطية اجتماعية تكون فيها المرأة ممثلة فيها لمصيرها التاريخي (فاطمة المرنيسي)(8)، تعرف هذه الحركة مسارين:
 
ـ ذلك المتعلق بإعادة قراءة التراث وتأويله انطلاقا من مرجعية تحررية راهنة تستهدف تبيان موقع المرأة في التاريخ والتراث العربيين وهو ما قامت به فاطمة المرنيسي مثلا خاصة في الحريم السياسي، وسلطانات منسيات.
 
ـ ثم ذلك المتعلق بخلق حركية في المجتمعات المدنية العربية هادفة إلى الدفاع عن حقوق النساء وتغيير وضعيتهن الاجتماعية والحقوقية الدونية.
 
هذان المساران كثيرا ما يتقاطعان ليأخذا أيضا تمثيلية معينة على المستوى الثقافي من خلال بلورة خطاب نسوي متمحور حول المساهمة الثقافية والأدبية للمرأة في الثقافة العربية سواء في مجال الكتابة الروائية أو الشعرية أو البحثية. إن هذه الخطوات بالرغم من كثافتها تندرج في مسعى عام ذي بعد سياسي ورمزي واضح: ربط النضال الديمقراطي والتحديثي في المجتمعات العربية المعاصرة بتمثيلية المرأة سياسيا في السلطة وإدارة دواليب الدولة. بيد أن هذه المقصدية السياسية لا تعلن عن نفسها في كل الأحوال، فهي تارة خطاب واضح وفي غالب الأحيان تأخذ بعدا اجتماعيا وثقافيا يتمكن من خلاله رواد هذه الحركة من الانخراط في الحركية العامة التي تميز الكثير من المجتمعات العربية راهنا.

الصفحات