هذه المقدمة إلى علم الدلالة الألسني لا تتوجه إلى الطلاب من دارسي الألسنية أو فقه اللغة فحسب، إنما تعني المهتمين بالعلوم الإنسانية كلهم.
أنت هنا
قراءة كتاب مقدمة إلى علم الدلالة الألسني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
تقديم للترجمة الفرنسية
يشكل كتاب هـ . بركلي مقدمة حقيقية إلى علم الدلالة، و يبدو أنه سيسدُّ فراغاً في المؤلفات التي تعني الأساتذة والطلاب العاملين في ميدان الألسنية. والحقيقة أن اللغة الفرنسية تفتقر حتى الآن ، لمثل هذا النوع من المقدمات( الكتب) بالمعنى المعروف للعبارة. فهناك مؤلفات، على الرغم من أهميتها، تركز جلَّ اهتمامها على مجال دلالي معين أو على نظرية معينة مع إنها تعالج علم الدلالة.
من هنا لم يكن بوسعنا، كأساتذة جامعة، إحالة طلابنا إلى مؤلف أساسي في هذا الميدان ليكون معيناً لهم في دراساتهم،بعد أن احتل علم الدلالة مكانة أساسية في الألسنية كما أنه يقع في مركز العلاقات القائمة بين الألسنية والفلسفة، أو بين المنطق وعلم الألسنة.
إن كتاب هـ. بركلي ، في الواقع، نصٌّ تقديمي لكن ذلك لا يعني أنه اختزاليّ، وهنا تكمن استحالة الجمع بين الأمرين. يبين الكتاب بوضوحٍ شديدٍ, تعقيد ما يسمى بعلم الدلالة الألسني sémantique linguistique والذي يعني تاريخياً تلك الاتجاهات التي اهتمَّ بها هذا العلم منذ قيام بريال BREAL بإدخال مصطلح علم الدلالة عند نهاية القرن التاسع عشر، ومنذ أن تمَّ الدمج النظري بين الألسنية والسيميائية sémiotique بشكلٍ عامٍّ.
من هنا يمكننا، عبر هذا الكتاب الوجيز، فهم صعوبة اعتبار علم الدلالة مجرد علم دلالة معجمية sémantique lexicale تتألفُ من مكوَّنات القواعد grammaire التي تركز اهتمامها على علم التراكيبsyntaxe ، كما لا يمكن ردَّه إلى مجموعة من العمليات المرتبطة بظروف الاتصال.
يبين هـ. بركلي، كيف ينبغي على قضية الدلالة في الألسنية أن تأخذ بعين الاعتبار المجالات الثلاثة المحددة في السيميائية وهي: "علم التراكيب"، و "علم الدلالة"، و"البراغماتية", وكيفية وجوب معالجتها قياساً إلى مختلف المستويات الخاصة بالألسن الطبيعية: كالقدرة الشاملة للسان, والألسن الخاصة ونظمها المختلفة, وتنظير الأداءات الفرديةperformances individuelles.
سنجد عبر فصول الكتاب شرحاً مفصلاً للمفاهيم الكلاسيكية لنظرية العلامةsigne وقضية المرجع référence والتقابل بين الدال والمدلول... إلخ.
كما سنجد دراسة للطرق الشكلية التي يمكن تطبيقها على الألسن الطبيعية، أو دراسة تطور القواعد التوليدية التحويلية بالقياس إلى علم المنطق وإلى الملفوظيةénonciation .
زد على هذا أن الكتاب ليس مجرد عرض لنظريات معينة، إنما يتجاوزه إلى الربط الصارم بين مختلف المنظوماتsystèmes ومفاهيمها.وبناء على هذا فهو يتيح لنا فهم أفكار عديدة بدءاً بأفكار Frege، مروراً بهيلمسلفHjelmslev وانتهاء بأوستينAustin، كما يساعدنا على فهم استمرارية هذه الإشكاليات ونقاط انقطاعها.
أخيراً، لايبدو لنا بركلي معلّماً فحسب (لاستناد كتابه هذا إلى محاضراته) إنما أيضاً باحثاً عظيم القيمة أيضاً. فهو لا يقف عند حدود تمييز المفاهيم والنظريات بما في ذلك أحداثها، بل يقترح نموذجاً يدمج فيه مختلف ميادين علم الدلالة الألسني ومستوياتها في نظرية "الكفاءة الاتصاليةcompétence communicative " التي تبدو لنا أحد أهم النماذج الموجودة حالياً.
إننا لا نزعم، من خلال تقديمنا لهذا الكتاب، تقديم محصلة، إنما نقدم نصّاً يتيح لنا إمكانية قراءة مؤلفات نظرية مفصلة، دون أن يفقدنا ذلك القدرة على رؤية الإشكالية بمجملها والتي تقع تلك المؤلفات ضمنها.
مرة أخرى يبدو لنا هذا الكتاب أنه سيسدُّ فراغاً هامّاً على صعيد الجامعات، و القراء المهتمين بقضية معاني الكلمات والجمل، أوعى صعيد المهتمين بظاهرة الملفوظية.
أما فيما يتعلق بالمترجمين فيبدو أنهما قاما بترجمة أمينة للنص مع صياغته بما يتناسب مع النص الأصلي.
جان كلود شوفالييه
س. دلسال