هذه المقدمة إلى علم الدلالة الألسني لا تتوجه إلى الطلاب من دارسي الألسنية أو فقه اللغة فحسب، إنما تعني المهتمين بالعلوم الإنسانية كلهم.
أنت هنا
قراءة كتاب مقدمة إلى علم الدلالة الألسني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
علم الدلالة المنطقي وعلم الدلالة الألسني
قبل أن نقوم بتمييز علم الدلالة المنطقي عن علم الدلالة الألسني، وفهم العلاقة المشتركة بين هذين الفرعين المعرفيين، ينبغي أن نحدد المكانة التي يحتلها علم الدلالة في علم المنطق المعاصر بسماته العامة على الأقل. والتمييز بين هذين الوجهين، الألسني والمنطقي، لا يتمُّ دفعة واحدة. لذا سنحاول تعريفه في إطار الفصول اللاحقة بعد رصد المواقف الأساسية المقترحة هنا.
1- غالباً ما يؤكدُ علم المنطق الخطاب على أن الألسن المسماة "بالطبيعة" (كاللسان الفرنسي، واللسان الألماني والانكليزي وغيرها هي ألسن تستخدم، عبر الاستعمال اليومي الذي يتمُّ بشكل غير مباشر ودون أدنى رقابة، كوسائل وأدوات، غرضها تمثيل البنى المنطقية للجمل).
هكذا يتسنى لنا تلخيص أسباب تكون اللغات المصطنعة لغايات الاستنتاج المنطقي أو بشكلٍ أعم، من أجل القيام بعمليات ذات نمط شكلي formel قائمة على تعابير منطقية:
فتعابير لغة طبيعية ما (كتشكيلات العلامات) تتمتع غالباً بأكثر من دلالة بالنسبة للبنية الإرجاعية référencielle وبالنسبة للعلاقات الداخلية. وهناك أمثلة معروفة تبين هذه الحقيقة نذكر منها الجمل التي فيها لَبْسٌ نحو:
- flying planes can be dangerous
قد تكون قيادة الطائرات خطيرة.
أو
"من الخطر قيادة الطائرات"
- قرأت كتاب بيير ai lu le livre de Pierre´j
(أي الكتاب الذي يملكه بيير)
أو
"الكتاب الذي مؤلفه بيير".
يعود سبب هذا الغموض إلى كون الألسن الطبيعية هي مجموعات تطورت عبر التاريخ، لذا تحتوي بنيتها على بعض "المصادفات".
على أية حال، هذا الغموض وعدم الدقة اللذان تتضمنهما بعض تعابير الألسن الطبيعية تبعاً لمختلف أحوال الاتصال، يمكن تجنبهما باللجوء إلى الجمل التفسيرية. ومن الطبيعي أن يعتمد فهمنا لمختلف تعابير اللغة الطبيعية المتعلقة بعددٍ من النقاط على السياق العام. وتتضمن الألسن الطبيعية عدة عناصر توضح هذا الأمر نحو أسماء الإشارة والضمائر المنفصلة (هذا, الذي, ذاك, أنا, أنت...) وظروف المكان والزمان (هنا، هناك، الآن، غداً...).