أنت هنا

قراءة كتاب مقدمة إلى علم الدلالة الألسني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مقدمة إلى علم الدلالة الألسني

مقدمة إلى علم الدلالة الألسني

هذه المقدمة إلى علم الدلالة الألسني لا تتوجه إلى الطلاب من دارسي الألسنية أو فقه اللغة فحسب، إنما تعني المهتمين بالعلوم الإنسانية كلهم.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 7
وتشترك رتب الكلمات هذه بأنها تحيل إلى المتحدث وبشكل متناوب، أي إلى نوع من الارتباط السياقي مثل ما يؤكده المتحدث أو ما يطلبه "هنا والآن" وعلاقة أنا – بأنت في الحوار...إلخ.
 
إن اسم العلم والتميز الفردي يقابلان الرتبة المحددة آنفاً.
 
1. هتلر أو قاتل برينو "A. Hitler ou l’assassin de Bruno"
 
وما يقومان بوصفه يمكن أن يعترف به بوصفه أحادي المعنى دون إحالة إلى المتحدث. هناك عددٌ كبيرٌ من تعابير الألسن الطبيعية التي ينبغي أن تبقى غامضة لتستخدم عملياً في الاتصال. وينشأ هذا الغموض عن دلالة الكلمات المعزولة. ففي الخطاب الشائع على سبيل المثال ،يصعب العثور على معنى متميز للكلمتين: un mont ,une colline هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن عبارتي: بعض الكتب وكثير من الكتب، لا تحددان بدقة عدد المواضيع المقصودة.
 
ويمكن لمضمون التعبير الألسني أن يكون دائماً محدداً تبعاً لبنية الاتصال. قد تنتمي التعابير المستخدمة في الألسن الطبيعية إلى مستويات مختلفة من مستويات اللسان، كلغات مختلف الطبقات الاجتماعية واللغات المهنية والتقنية، حيث تقوم هذه الألسن بوظيفة ما وراء لغوية ويكون لها مضمون انفعالي أو ذاتي.
 
مجموع هذه الخصائص المتعلقة بتعابير الألسن الطبيعية، يجعل تلك اللغات عاجزة عن القيام بعمليات ذات نمط شكلي (لغة البرامج المستخدمة في الحاسبات والآلات)..
 
2. لتحقيق هذا الهدف (أي ممارسة عمليات ذات نمط شكلي) لا بدَّ من تكوين لغات مصطنعة تتيح إمكانية معالجة التعابير (تشكيلات العلامات) معالجة دقيقة جداً. هناك إذاً بين الألسن الطبيعية وبين اللغات المصطنعة العلاقة التالية: ما نكسبه في لغة متكونة اصطناعياً (في الرياضيات والفيزياء والكيمياء) هي الدقة في تمثيل مجال محدود نسبياً، لكن ما تفتقر إليه هذه اللغات هو بالضبط إمكانية استخدامها لغايات أشمل. لا يمكننا اللجوء إلى الألسن الطبيعية بهدف استخدامها في حاجات الاتصال المختلفة دون صعوبة، اللهم إلا في مجال تمَّ تحديده مسبقاً.
 
3. حينما نلجأ إلى لغة مصطنعة يمكننا حذف الإشارات والمعاني الإيحائية التي لا أهمية لها تبعاً للحالات، كما يمكننا إعطاء تصوّرٍ ما، دون حشو تلك الحالات أو تلافيها. وقد بنيت هذه اللغات المصطنعة على هذا الشكل لكي نجد - محل التعابير المعقدة للألسن الطبيعية - تعابير ذات بنية بسيطة نسبياً وسهلة الحصر والمراقبة. وهي طريقة تخفف من التفكير الملموس، وتلغي مصادر الخطأ في تمثل الظروف (المقامات) وأثناء المحاكمة المنطقية بشكل جذري. فضلاً عن هذا، إذا استخدمنا لغات شكلية متكاملة، يمكننا أن نستبدل المضمون الجوهري للأشياء بعملية خوارزمية( لوغارتمية) وحساب قائم على الصيغ (كتعابير العلامات الملموسة)، وهو إحدى نتائج الحساب المنطقي (لغة الحاسب الالكتروني).
 
رأينا أن الألسن الطبيعية لا تستطيع الوفاء بالحاجات التي نلتمسها في اللغات المصطنعة، إذ أنه يستحيل- في حالتها - اللجوء إلى عمليات من نمط خوارزميّ انطلاقاً من تعابير اللغة الشائعة.

الصفحات