كتاب "واقع الاقتصاد الأردني وآفاقه"، تشكل تجربة الاقتصاد الاردني ، رغم خصوصيتها ، نموذجاً متكرراً في البلدان العربية المختلفة في العديد من جوانبه ، ما يجعل رصده وتحليله في اطره السياسية والاجتماعية ، ذا فائدة تتجاوز حدود الاردن ،ويأتي في مقدمة النواقص المت
أنت هنا
قراءة كتاب واقع الاقتصاد الأردني وآفاقه
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
واقع الاقتصاد الأردني وآفاقه
5. وينسحب هذا التغير السريع الطارئ الكبير على محاولة استشراف آفاق المستقبل، الذي يحمل في طياته العديد من الاحتمالات المتباينة بشكل نوعي
وكمي وشامل لسائر مناحي الحياة. ويقتضي ذلك أولا إدراك حقيقة الاقتصاد الوطني الأردني، ومن ثم كامل الفرضيات
البديلة والمحتملة للمستقبل. ويتلو ذلك اعتماد المرونة الضرورية في الخطط المستقبلية، التي تجعل من الممكن
التعامل مع مفاجآت المستقبل المختلفة والمتباينة. وتشكل أهم مجالات هذه التباينات المستقبلية المفاجآت الضخمة والمحتملة للحركة
السكانية بين الضفتين، وإعادة صياغة الكيانات الإقليمية السياسية والاقتصادية، والتغيرات السياسية السريعة والمفاجئة في المنطقة، وكذلك التغيرات
السريعة والكبيرة في أسعار النفط، الذي يشكل حوالى نصف الاقتصاد العربي. وبسبب الترابط العضوي بين مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية
والاجتماعية، فلا بد من استبيان الاستحقاقات الأساسية للبدائل المستقبلية المختلفة، حتى تأتي الحلول المقترحة لها واضحة ومجدية وشافية، كما كان
الضعف في الاقتصاد الوطني الأردني ناجمًا عن ضعف أداء إدارته وتخلفه، وخاصة في السنوات الأخيرة.
6. ولتحقيق هذا الهدف من البحث ينبغي إدراك الأطر الكاملة للاقتصاد الوطني الأردني، وعدم اقتصار ذلك على المفاهيم
التقليدية، التي تحصر الاقتصاد الوطني بالحدود الجغرافية المحلية والرسمية، والتي تغفل بذلك امتداداته الحيوية خارج حدوده
الرسمية. كما يحتاج تحقيق هذا الهدف أيضًا الفهم العميق لما قد حصل في تاريخ الاقتصاد الوطني الأردني الحديث، ودروسه وعبره. ويتطلب حسن
الإدارة الاقتصادية أيضًا تنسيق السياسات العامة فيما بينها، بما في ذلك التوجهات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية. وفي ضوء ذلك ينتهي البحث
بتطوير استراتيجية شاملة لسائر الاعتبارات الواردة أعلاه.
7. وتشكل تجربة الاقتصاد الأردني رغم خصوصيتها نموذجًا متكررًا في البلدان العربية المختلفة في العديد من جوانبه، ما يجعل رصده وتحليله في أطره
السياسية والاجتماعية ذا فائدة تتجاوز حدود الأردن. ويأتي في مقدمة النواقص المتكررة في العالم العربي التخلف
الاقتصادي والاجتماعي، وغياب الاكتفاء الاقتصادي الذاتي لدى الكثير من الدول العربية، واعتمادها بسبب ذلك على
الدعم الخارجي والعلاقات غير المتكافئة الناجمة عن ذلك، وهدر الموارد الوطنية في غياب الشفافية والمساءلة، واستشراء الفساد، وثانوية
إدارة الاقتصاد الوطني لصالح الاعتبارات الأمنية، وتدني الأداء الاقتصادي نتيجة لذلك، وسطحية شعارات العدالة الاجتماعية وتعاظم الفقر والقهر،
وضعف التنمية الإنسانية، والمشاركة بين أنظمة الحكم واليمين العشائري والرأسمالي، وتنامي التوجهات القطرية، ما أضعف العمل العربي المشترك،
وهروب رأس المال الوطني والتبعية للخارج وأولوية مصالحه.
8. لقد تطلبت أهداف هذه الدراسة منهجية تقليدية تبدأ باستذكار مراحل الاقتصاد الوطني الأرني الحديث، ومن ثم بمسح لمعالم الاقتصاد
الوطني، مع التركيز والإبراز لقضاياه ولأطره الاجتماعية والسياسية. ويتلو ذلك استعراض لآفاق الاقتصاد الوطني
المستقبلية، مع التطرق للبدائل المتوافرة والخيارات السياسية التي تتطلبها. وعلى هذه الخلفية تظهر
الاستحقاقات السياسية والاجتماعية مع التركيز على مخاطرها. ويوفر هذا التسلسل ويسهل بناء الاستراتيجية التغييرية المطلوبة والمقترحة عند
توافر الإرادة السياسية لها. وفي النهاية تشمل هذه الدراسة طرحًا لأزمة النفط الطارئة، التي برزت أثناء إعداد هذه الدراسة، كما أنها توفر تطبيقًا عمليًا
لبعض ما جاء من معالم وآفاق وقضايا واستحاقات وفرص تكاد تكون تاريخية. فهي بذلك تشكل تجسيدًا للمعاني الأساسية المستخلصة منها.